موضوع: التعريف الامريكي لمعنى السيادة والشراكة؟؟؟؟؟ السبت أكتوبر 20, 2012 10:54 am
هيفاء زنكنة* التعريف الامريكي لمعنى السيادة والشراكة؟؟؟؟؟ الجمعة، 19 أكتوبر/ تشرين الأول، 2012، ليس هناك ما يشير، حاليا، الى الوجود الامريكي، في العراق. فجأة تلاشى الاحتلال الامريكي اعلاميا ولم تبق منه غير بضعة اخبار تتناقلها الوكالات عن زيارة هذا المسؤول الامريكي او ذاك. فهل انتهت الرغبة الامريكية في الهيمنة على البلد الذي ادى، سوية مع احتلال افغانستان، الى التدهور الاقتصادي في امريكا ناهيك عن الخسارة البشرية؟ واذا كانت الخسارة البشرية المعلن عنها قد بلغت الآلاف، فكيف بالرعاية الدائمة ذات التكلفة العالية لمعطوبي الحرب وقد تجاوز عددهم مئات الآلاف؟ ماذا عن اتفاقية الأطار الاستراتيجي، طويلة الأمد، بين 'الحكومة' العراقية والادارة الامريكية؟ يدور الحديث في اجهزة الاعلام الامريكية، اليمينية منها، خاصة، والتي يسيطر عليها الصهاينة والمحافظون الجدد، عن الفراغ السياسي الذي احدثه 'الانسحاب العسكري' وكيف قامت ادارة اوباما بتسليم العراق الى ايران على حساب دافع الضرائب الامريكي. وهو حديث يتماشى مع متطلبات الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية الامريكية، وان كان، في الوقت نفسه، جزءا لايتجزأ من الاستراتيجية الامريكية التي لخصها الجنرال دافيد باترايوس، رئيس جهاز المخابرات السي آي أي، حاليا، وقائد الجيش الامريكي سابقا، بنظرية 'العنف المستديم'. أي العنف الدائم الذي من الافضل الابقاء عليه ضمن مستوى معين ليسهل على امريكا الهيمنة على المنطقة العربية، بكاملها، وليس العراق لوحده، بدون الحاجة الى وجود القواعد العسكرية الكبيرة والباهظة التكلفة في كل بلد عربي. لذلك لاحظنا، على الرغم من بقاء العنف كصفة ملازمة للوضع العراقي، اختفاء صورة المحتل الامريكي، تدريجيا، في العامين الأخيرين، وكأنه لم يكن هو الغازي والمدمر والقاتل المتمتع بسادية جرائمه، وكأن سفارته وهي الأكبر في العالم بطاقمها العسكري والمخابراتي وفرقة التدخل السريع والطائرات بلا طيار ومرتزقته غير موجودين. فهل تبخر المحتل تحت شمس العراق الحارقة؟ أم ان لاجهزة الاعلام العراقية والعربية المدفوعة الثمن الفضل الاكبر في رسم صورته السحرية؟ وماذا حل بما جرته الإتفاقية الأمنية والعسكرية من تبعات وإتفاقات متفرعة، وهي التي صورها الإعلام كإتفاقية مؤقتة بين طرفين متكافئين إنتهت بخروج القوات الأمريكية؟ وماذا عن تفرعات معاهدة الإطار الإستراتيجي الطويل المدى التي يقول النواب العراقيون بانهم لم يروها كما لم تعرض على النواب الامريكيين؟ ان من يقرأ ما يتسرب عن معاهدة الاطار الاستراتيجي التي يواصل دفنها النظام العراقي تحت ركام أزماته وصراعاته المفتعلة، يجد ان يد المحتل مغروزة في اعماق النظام. ويشبه الوضع الحالي، الى حد ما، مرحلة ما بعد اعلان 'استقلال' العراق من الاستعمار البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي. فالمحتل الامريكي موجود ولكن بعد ان استبدل بزته العسكرية ببدلة مدنية بلقب مستشار أو مدرب او 'شريك استراتيجي'. ومصطلح 'الشريك الاستراتيجي' هو الغطاء الذي يتسربل به المحتل مع مستخدمه العراقي لتمرير بنود الهيمنة الامريكية الناعمة تضليلا لابناء الشعب العراقي ونواب البرلمان اما نيام او غاطسون في مصالحهم الشخصية والحزبية. وتعترف النائبة ناهدة الدايني بجهل النواب بالمعاهدات الموقعة مع امريكا، قائلة : 'ان المسألة الاساسية بين العراقيين والسفارة الامريكية هي اننا لم نر ولا نعرف شيئا عن اي اتفاقية بين الحكومة العراقية وأمريكا'. من هذا المنطلق، أي عدم معرفة تفاصيل ومدى تنفيد معاهدة الاطار الاستراتيجي، تقدم لنا الادارة الامريكية أو السفارة الامريكية ببغداد، بين الحين والآخر، فرصة التعرف على ملمح جديد من ملامح عبودية ساسة ' العراق الجديد' للهيمنة الاستعمارية الجديدة. ففي 18 تموز / يوليو وقعت السفارة الأمريكية، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID)، ' مذكرة َ تفاهم مع مكتب رئيس الوزراء العراقي، ترسم الخطوط العريضة للدعم الأمريكي للجهود العراقية للتخفيف من المعوقات الادارية في القطاع الخاص العراقي، وذلك انسجاماً مع اتفاقية الاطار الاستراتيجي... ويتيح توقيع هذه المذكرة للوكالة البدء رسمياً بمشاركتها في مشروع الإصلاح التنظيمي والإداري الذي سيراجع ويزيل الاجراءات غير الضرورية التي تعيق قطاع الأعمال والاستثمار الخاص'. هل نحن بحاجة الى ذكر لصالح من ستجرى هذه الاصلاحات والتي هي من صميم عمل وسيادة اية دولة؟ وآخر هذه الملامح زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكى الجنرال مارتن ديمبسى إلى بغداد، في 21 آب الحالي، ضمن اطار 'دعم التنمية كشريك استراتيجي' بعد ان نجا لتوه من عملية للمقاومة الافغانية التي نجحت في استهداف طائرته. ويخبرنا بيان السفارة الامريكية، أن 'زيارة ديمبسي تأتي كجزء من جهود الولايات المتحدة ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي لدعم استمرارية التنمية فى العراق كشريك استراتيجي يساهم في السلام والأمن'. ولفهم دور الجنرال ديمبسي الفعلي في 'التنمية' وتغير طبيعة الاحتلال الامريكي، من المفيد العودة الى تصريح لجنرال آخر هو جون كيلي الذي كان ضمن قوات الاحتلال بالعراق لمدة ثلاث سنوات وهو المساعد الأقدم لوزير الدفاع حاليا. يقول كيلي في مقابلة مع صحيفة الواشنطن بوست في 31 كانون الاول / ديسمبر 2011، ' علينا كأمة ان نكون مستعدين لخوض اي نوع كان من الحروب'. والحرب المضادة 'للتمرد والارهاب' المتلاحمة بالقوة الناعمة تحت غطاء معاهدة الاطار الاستراتيجي في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم والمجتمع المدني، هي التي تخوضها الولايات المتحدة، بالعراق، بقيادة البنتاغون والسي آي اي معا. فهل نستغرب اذا ما وصفت زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكى ولقائه بنوري المالكي ورئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري بانها زيارة لاستمرارية التنمية، في وقت تعيش فيه المنطقة العربية على حافة هاوية، والعراق يكاد يتمزق فسادا وطائفيا وعرقيا، بينما تنهش اراضيه الحدودية دول الجوار؟ وما الذي قاله المالكي لديمبسي في مجال التنمية؟ لم يذكر اي شيء له علاقة بالتنمية بل ركز المالكي، امام اجهزة الاعلام، على طلب 'الإسراع بتسليح القوات العراقية بما يساعدها على تأمين سيادة العراق' واجابه، ديمبسي امام اجهزة الاعلام ايضا، مؤكدا: 'استعداد الولايات المتحدة لبحث حاجات العراق كافة في مجال الدفاع بما يؤمن وحدته واستقلاله'. وكان ديمبسي قد صرح في وقت سابق خلال زيارته للمنطقة، 'أعتقد أن المسؤولين العراقيين أدركوا أن قدراتهم تحتاج إلى المزيد من التطوير وأعتقد أنهم يحاولون التواصل معنا لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا أن نساعدهم في هذا المجال'. يندرج تحت استراتيجية القوة الناعمة جل ما يجري بدون أن تعترف بمصدره الإدارة الأمريكية، ومنها عمليات 'الراية المزيفة'، اي عمليات الفرق الخاصة التي تنسب الى جهات اخرى كالقاعدة و المتمردين، من التصفيات للمعارضين وذويهم، وتخريب ماهو غير مرغوب فيه، تحت رايات طائفية وإرهابية، وإبتزاز أي مسؤول يحيد عن الطريق عبر ما تجمعه المخابرات من وثائق وأفلام وصور تربطهم بالجريمة والنهب خلال سنين الإحتلال، مما يبقي آلافا من سياسيي العملية السياسية في المنطقة الخضراء مربوطين بحبال ترخى وتشد حسب الطلب. هذه هي الخطوط الحمراء التي يتحرك ضمنها السياسيون العراقيون، حالمين بين الفينة والإخرى أن يعادلوها بمعاملات جانبية مع الدول المحيطة، معاملات تبقى في إطار صفقات البحث الأمريكي عن الحلول الإقليمية الأوسع. واذا ماكانت القوة الناعمة هي بطانة معاهدة الاطار الاستراتيجي الذي يشرف على تطبيقها مكتب التعاون الأمني ومكتب التعاون العسكري ومكتب التعاون الثقافي والسياسي في السفارة الامريكية فان اي حديث عن سيادة العراق، تحت هذه الظروف، هو محض هراء. فالسفارة الامريكية هي الوحيدة التي تتمتع بالسيادة في العراق.اما بقية البلد فهو متنازع عليه، تتكالب عليه دول الجوار من كل الاتجاهات بالاضافة الى البقاء النيو كولونيالي الامريكي على 'اساس الشراكة'. وهو الاساس الذي اراد الجنرال ديمبسي تذكير ساسة العراق به في حال اندفاعهم العاطفي نحو تأييد النظام السوري او الايراني، قائلا: 'مازال لدينا تأثير كبير ودور كبير نقوم به، ولكن الآن على أساس الشراكة'. المصدر- القدس العربي منتدى/ ملاك صدام حسين sahmod.2012@hotmail.com المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في منتدانا لا تعبر عن راي المنتدى بل عن راي الكاتب فقط