موضوع: مصر.. بين الماضي والحاضر وطموحات المستقبل الجمعة سبتمبر 21, 2012 10:02 pm
مصر.. بين الماضي والحاضر وطموحات المستقبل الاهتمام بالمستقبل ليس حماقة أو عبث لان أهم ما يميز الإنسان ( عن غيره من الكائنات) هو أنه كائن تاريخي يتذكر ماضيه ويعي حاضره حتي يستطيع ان يصنع مستقبله.ولهذا وحتي نستطيع ان نستشرف المستقبل يجب علينا ان نقرأ التاريخ جيدا . ولنبدأ بطرح السؤال الاتي : لماذا وكيف تقدم غيرنا ؟ – ولماذا وكيف تأخرنا ؟؟ لقد كان هناك نموذجان يسودان العالم في بداية القرن التاسع عشر نموذج الدولة الاسلامية ويمثلها الباب العالي والامبراطورية العثمانية ذات الايديولوجية الاسلامية ..والاخري الراسمالية الاقطاعية في الدول الغربية الاستعمارية المرحلة الاولي للنهضة المصرية والبداية هي مشروع محمد علي الذي جاء ( 1805 ) قبل الميجي الياباني ( 1868) بآكثر من 60 سنة.. فكل الدول التي جاءت متاخرة ( في البناء الوطني المستقل ) عن دول المركز الاساسية ( وهي انجلترا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة الامريكية ) لم يكن لديها من سبيل سوي ان تلعب الدولة الدور الاساسي في البناء والنهضة .. تولي محمد علي حكم مصر ذات النظام المملوكي المفتت ونظام الالتزام حيث كانت مصر عبارة عن دولة فقيرة و ضعيفة – وبعبقرية شديدة وجد هذا الرجل انبناء دولة قوية لايمكن ان يتم الا بانهاء هذا النظام المملوكي وانة لابد من بناء صناعة بتركيز كل الموارد في يد الدولة لانة لايوجد برجوازية او رأسمالية تستطيع البناء فكان علي الدولة ان تقوم بهذا الدور حيث ان الرأسمالية تكونت في دول المركز لمدة 6 قرون اعبارا من القرن الثاني عشر هنا العبقرية المذهلة لمحمد علي بان تقوم الدولة بالدور الاساسي في البناء فالغي نظام الالتزام المجحف والمرهق للشعب والفلاحين وقدم نوع من العدالة الاجتماعية بان تعهد بتقديم كافة مستلزمات الانتاج للفلاح المصري علي ان يورد محصولة الزراعي للدولة مقابل كوبونات يحصل بها من الدولة علي احتياجاتة من لبس ومأكل واحتياجات اخري وقضي علي المماليك هذا النظام القاسي الذي دمر الدولة لمصرية ..وخلق سوقا للصناعات المصري ... محور البناء الوطني كان بناء جيش قوي لمواجهة جيش القسطنطينية حتي يمكن الاستقلال ..فالجيش كان مركز البناء الوطني المستقل والدور المركزي للدولة المصرية في الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم .. حتي يمكن قراءة مستقبل مصر لابد من قراءة تاريخها الماضي ومتي ازدهرت ونهضت وتقدمت الدولة المصرية ومتي اضمحلت واصبحت ضعيفة ومن هنا يمكننا ان نفهم ان الخراب الذي حل بمصر بداية من ثمانينيات القرن الماضي او مابعد عبد الناصر كان نتيجة تفكيك الدولة المصرية والغاء دورها الاساسي في البناء الوطني المستقل وهذا التفكيك كانت بدايتة في عهد السادات ..حيث ان مصر تزدهر وتقوي عندما تكون الدولة قوية . ومن يروج لمقولة ان ثورة 1952 ونظامها لم يكن ديموقراطيا وان اقامة الديموقراطية وحدها وحدها كافية لحل مشاكل المجتمع المصري هو في الحقيقة كلام مضحك حيث ان الديموقراطية هي وسيلة لتحقيق مشروع برنامج تنموي شامل ... فالبناء الديموقراطي في الغرب تم بناؤة خلال ستة قرون من الممارسة للبرجوازية ( من القرن الثاني عشر وحتي القرن الثامن عشر ) التي هي اصلا لم تكن موجودة في مصر التي كان يسود فيها نظاما قاسيا ومدمرا هو نظام الالتزام في العصر المملوكي فقد قام محمد علي بالبناء الوطني معتمدا علي دور قوي للدولة المركزية القوية بجيشها القوي الذي تقدم بة حتي القسطنطينية واصبح مهددا للدول الاستعمارية الاوربية واسواقها ..فكان لابد من توقيع معاهدة لندن في 15 يوليو 1840 بين النمسا وبريطانيا العظمى وبروسيا وروسيا من ناحية و الباب العالي من ناحية أخرىوالتي بها يدخل تاريخ المجتمع المصري في إطار الإستعمار ثم الإمبريالية .. و ذلك لأنهم رأوا أن إحتكارات محمد على تمثل حجر الزاوية في قوته الإقتصادية . وتلك القوة يجب وضعها في الإطار العام لإنجازات محمد على، فكان التصنيع وهيمنة الدولة واحتكارها لمختلف النشاطات الإقتصادية . بل وتحديد الضرائب الجمركية علي الواردات المصرية من الدول الصناعية الاستعمارية بما لايزيد عن 3% ولم يبق أمام محمد على بعد القضاء على الإحتكارات إلا أن يفتح أبواب مصر للتجارة الحرة ففتحت مصر أبوابها للبضائع الأوروبية وسرعان ما قلّت قدرة الصناعات المحلية على مواجهة هذه المنافسة .. فانهار النظام واكتسحت المنتجات الصناعية الاوربية الاسواق المصرية وبتخلي الدولة عن دورها في امداد الفلاحين بمستلزمات الانتاج اصبح الفلاحون غير قادرون علي الانفاق علي زراعاتهم وتحولوا الي الاستدانة بفوائد عالية جدا وصلت الي 3% في الاسبوع ( بينما كانت الفائدة في لندن هي 3% في العام ) واجتاح مصر جحافل من المرابين الاوربيين من منتصف الاربيعينيات في القرن 19 وفي هذا يقول ( سباتية ) قنصل فرنسا : (( ودخل المرابون والمقامرون من كل مكان الي مصر كما و كانت كاليفورنيا جديدة )) ويقصد بها ارض الذهب في امريكا ومن هنا نفهم النهب والقهر الذي تعرض لة الفلاحون المصريون بعد تخلي الدولة عنهم بموجب اتفاقية لندن 1940 والموقعة من محمد علي لعد هزيمتة في موقعة نافارين مع الباب العالي والدول الاوربية الاستعمارية مجتمعة . كان محمد علي يرسل البعثات الي اوروبا لنقل الحضارة وكان من افرادها رفاعة الطهطاوي ذلك لازهري الذي بعثة محمد علي ليكون اماما دينيا للمبعوثين المصريين فيتحول هذا الرجل الي الاب الروحي لليبرالية المصرية والملهم لكل المبعوثين الذين سافروا الي اوربا لنقل العلوم والحضارة منها الي مصر . لما نمسك عصر النهضة في مصر كان صرحا علي متون تجربة محمد علي الا اكثر ولا اقل تلك التجربة التي تم القضاء عليها في الاربعينيات والتدهور الذي اصاب حياة المصريين في الزراعة والصناعة والتجارة وافلاس مصر فكان سببا من اسباب الثورة العرابية وهزيمتها .. جاء الغرب كاسحا بتجارتة ثم بجيشة كما حدث في 1882 وكما حدث في كل مستعمراتة ..ليس ذلك فحسب ولكن ايضا بمحاولتة تدمير الهوية مثلما كتب ارنست ترينون عن ان الاسلام دين متخلف ودين الجهالة والتشكيك في قيمة فاصبح خطرا علي كل شيئ الاقتصاد والدين لقد ظهرت ثلاثة مدارس كبري في النهضة المصرية الحديثة هي : • رفاعة الطهطاوي (الليبرالية ) • محمد عبدة وجمال الدين الافغاني ( التوفيق بين الحداثة والاسلام ) فاالافغاني جاء بالثورة وهنا يقول المرحوم احمد بهاء الدين ان جمال الدين الافغاني كان يوزع السعوط بيمناة والثورة بيسراة .. محمد عبدة والافغاني كانوا يعتبران الغرب هو العلم وهوالنموذج وتحقيق هذا النمذج بتخليص الاسلام من الانحطاط ونعيد لة العقلانية و بهائة الاول ) • عبد اللة النديم ( الراديكالية والاسلام السياسي ) ومن اقطاب محمد عبدة الذين تمسكوا بالحداثة والليبرالية والمرجعية المصرية الخالصة ورفض الخلافة الاسلامية هم احمد لطفي السيد وقاسم امين وطلعت حرب اذي انشا بنك بفتوي من محمد عبدة باحلال فوائد البريد عام 1903 اما القطب الاخر الراديكالي والاسلام السياسي فكان رشيد رضا وحسن البنا كل هؤلاء الزعماء والاقطاب كانوا نتاج ثورة عرابي ففي ثورة عرابي خرج وثار الفلاحون وراء عرابي علي المرابين وصكوك الدين وكانت ثورة مصرية شعبية في مواجهة الاجانب علينا ان نلاحظ ان اهم نتاج للنهضة المصرية الاولي في عهد محمد علي كان وهو مهم جدا تحديث اللغة العربية وان اكثر من لعبوا دورا عظيما في تحديث اللغة العربية ( لغة القران ...ولاحظ من يقول الان انهم انصاف مصريين ولا يصلحون لان يكونوا في مجلس الشعب ) وتنقيتها من اللغات الاخري الاجنبية هم المسيحيون وخاصة القادمون من الشام انتهي الجزء الاول ..ويتبعة الجزء الثاني sahmod.2012@hotmail.com المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في منتدانا لا تعبر عن راي المنتدى بل عن راي الكاتب فقط