صلاح المختار" لكي لا تحول الانتفاضات الوطنية الى فوضى كوندي ( 2 )
كاتب الموضوع
رسالة
بشير الغزاوي
عدد المساهمات : 547 تاريخ التسجيل : 08/07/2011
موضوع: صلاح المختار" لكي لا تحول الانتفاضات الوطنية الى فوضى كوندي ( 2 ) الجمعة يوليو 22, 2011 4:35 pm
صلاح المختار" لكي لا تحول الانتفاضات الوطنية الى فوضى كوندي ( 2 ) منتدى"ملاك صدام حسين لكي لا تحول الانتفاضات الوطنية الى فوضى كوندي ( الخلاقة ) 2 صلاح المختار ما قيمة ان نستبدل الشيطان بابليس ؟ أستنتاج ثمرة تجربة منذ قابيل وهابيل وحتى كونداليزا الفوضى الخلاقة ماذا تعني في التطبيق العملي ؟ لنتساءل اولا : لماذا وصفت بانها فوضى ثم ربطت بصفة الخلاقة ؟ الجواب الطبيعي هو لانها لا تستهدف تحقيق تغييرات او انتفاضات شعبية تحررية وثورية تمكن الشعب من السيطرة على الحكم وطرد العملاء والفاسدين بل تستهدف ، على العكس تماما ، تحقيق احد هدفين جوهريين هما : - 1 - افقاد النظام سيطرته على الدولة والمجتمع من اجل تغيير النظام الذي يننتهج سياسات تحررية رافضة للامبريالية والصهيونية وانظمة الفساد والاستغلال وفشلت الاساليب التامرية التقليدية في اسقاطه فتكون الفوضى المسيطر عليها هي الوسيلة الاساسية لتحقيق ذلك الهدف لانها فوضى تمزق سلطة النظام وتجعل الدهماء يدمرون المؤسسات والخدمات بمشاركة قد تكون فعالة لقوى سياسية مناهضة للنظام لاسباب شتى عندها تتوفر متطلبات اسقاط النظام . 2 – التخلص من نظام اصبح عبئا على الامبريالية : حينما يفقد النظام دوره كخادم بسبب فساده واستبداده وتبعيته وقيامه بادوار قذرة ضد الشعب تنفيذا لاوامر اسياده ينكشف ويعزل فتبرز امكانية اسقاطه واستلام السلطة من قبل القوى الوطنية الحقيقية الامر الذي يجعله عبأ خطيرا على القوى الخارجية التي تدعمه يهدد مصالحها بدل خدمتها وحمايتها فتاتي الفوضى الخلاقة كضربة استباقية من العدو الخارجي لمنع التغيير الوطني الحقيقي او لاجهاضه بعد ان اختمرت ظروف الثورة او الانتفاضة الوطنية الحقيقية . وفي هذا العمل الاجهاضي والاستباقي تستغل القوى الخارجية فساد النظام ، وهي سمة لم تكن ممكنة البروز لولا دعمها تشجيعها ، من اجل تغييره وايصال بديل غير وطني ويشابه النظام الذي اسقط ، او الاكتفاء بتغيير راس النظام مع بقاء النظام كما هو مع اجراء تحسينات من اجل الخداع وابقاء البديل في الحكم لفترة تمكنه من تحقيق الاهداف المرسومة . وبهذا المعنى فان الفوضى الخلاقة ، وفي الحالتين المذكورتين ، لا تحدث الا بتوفير بيئة انطلاق عناصر الشغب والغوغاء او قوى سياسية متخلفة وتابعة احيانا لنفس النظام ، والتي اطلق عليها في مصر اسم ( البلطجية ) وفي العراق نطلق عليها تسمية ( الشقاوات او السرسرية ) ، واختلاطها بعناصر الانتفاضة الوطنية التي تشكل القوة الرئيسة من اجل جر الانتفاضة الى خلق حالات لم تقصدها كالنهب والقتل واحراق المؤسسات وتشكيل فرق وعصابات مسلحة لتحقيق اهداف لا صلة لها بمصالح الشعب واشعال العراك والقتل . كل ذلك يتم بتنفيذ ودعم خطة التخريب المنظم وتصعيده والتي وضعتها عناصر المخابرات الخارجية سواء كانت تابعة لدولة واحدة او لعدة دول لها مصلحة في نشر الفوضى وتدمير ذلك القطر ، او بقايا اجهزة النظام الذي ينهار ، وعندها تتوفر البيئة لتنصيب بديل تابع للعدو ولكنه غير مكشوف وتبعد العناصر الوطنية خصوصا الشابة المنتفضة ضد النظام ، تحت ضغط الفوضى التي ضربت الناس وجعلت حياتهم على كف عفريت فيصبح هم الكثيرين هو (من يرى الموت يقبل بالسخونة ) كما يقول المثل ، وعندها يقام نظام ليس الذي اراده الثوار بل بقايا النظام باشراف موجهيه الخارجيين . وعندما تصل الامور الى هذا الحد يتحقق ، في حالة النظام الوطني ، هدف اسقاطه ، وفي حالة النظام العميل والفاسد والفاقد لامكانية استمراره يتحقق هدف التخلص منه بعد ان استنفد دوره من جهة ، ومنع القوى الوطنية من استلام الحكم واقامة نظام جديد لكنه عبارة عن اعادة انتاج الفساد والتبعية باشكال ووجوه جديدة تستمر لسنوات طويلة ، وتلك هي خطة سرقة الوقت من جهة ثانية . بعد تحديد طبيعة الفوضى الاخلاقة يطرح السؤال التالي نفسه : كيف تطبق الفوضى الخلاقة قي الواقع العربي الحالي ؟ ان فهم اليات واساليب الفوضى الخلاقة امر مهم جدا الان كي نميز بين الانتفاضة الوطنية والفوضى الخلاقة التي تفجرها وتوجهها امريكا ، وفيما يلي بعض اهم السمات الجوهرية للفوضى الخلاقة : 1 - عدمية الانتفاضة : ان وجود تصور ستراتيجي بعيد المدى يحدد خطوات الانتفاضة وكيفية الوصول لنجاحها هو العامل الاساس في النجاح في اسقاط نظام فاسد وتابع ومستبد ، لذلك فان غياب او انعدام الافق الستراتيجي لدى قادة الانتفاضة وتركز الوضوح لديهم على هدف اسقاط النظام فقط يؤدي الى طريق مسدود يتمثل في انها اسقطت النظام لكنها لم تستطيع فرض بديل ربما تعرفه بشكل مشوش او لاتملك القدرة على فرضه اذا كانت تعرفه بوضوح ، فتستغل ذلك الفشل مؤسسات الدولة العسكرية والامنية لاقامة نظام بديل تحدد هي هويته ورجاله وليس الثوار . ان النجاح في تحقيق الانتفاضة واسقاط النظام والعجز عن تصور البديل له لاي سبب كان يشكل احد اشكال السذاجة ونقض الخبرة ، او احد مظاهر العدمية الثورية في حالة امتلاك قيادة الانتفاضة ثقافة عالية لكنها عدمية ، اي تريد تغيير الوضع القائم لكنها لا تعرف البديل ولا تفكر بالبديل . وبما توفر القوى التي يمكن ان تنجح في اسقاط نظام رجعي وتابع وتستطيع اقامة البديل المناقض له جذريا هو الشرط المسبق الذي يضمن منع تحولها الى اداة بيد اعداء الوطن فان عمل اجهزة المخابرات المحلية والاجنبية عمل منذ عقود على تدمير القوى الوطنية المركزية وتفتيتها ودعم وتشجيع قيام كتل صغيرة ونخبوية او احزاب الشخص الواحد ، وطنية او عميلة ، لان الكتل الصغيرة وحتى لو كانت وطنية مضطرة بحكم اليات الديمقراطية ان تخضع لراي الاغلبية التي تتشكل من عدة كتل متناقضة الاهداف والتوجهات الايديولوجية فيوصلها ذلك الى الفشل في فرض البديل المطلوب وتضطر لقبول راي الاغلبية ، التي تتكون من جمع كتل صغيرة كل واحدة منها تعجز بمفردها عن الحسم فتتنازل عن هدف اسقاط النظام . كما ان وجود شباب منتفض بلا خبرة نضالية عميقة ويفتقرون لامكانات الامساك بالسطة يطرح امامهم خيارات كلها مرة تقودهم رغما عنهم الى تفكير مضطرب هو اقرب للعدمية والفوضوية ، وهذا ما تريده الجهة التي تخطط لنشر الفوضى . ويلعب دورا رئيسا في منع الثورات الحقيقية عدم سماح الانظمة الفاسدة والمستبدة والتابعة ببقاء حزب ثوري رئيس او مركزي او احزاب مركزية لها القدرة على السيطرة على الجماهير وتملك افقا ستراتيجيا واضحا يشكل خارطة طريق لها يمنع الغوغاء وعناصر الجريمة والمخربين المندسين من تحويلها من انتفاضة وطنية مشروعة وواضحة الاهداف الى اعمال متناثرة وغير منظمة ولا يوجد لها برنامج وطني واضح ومتفق عليه فتصبح عملية ارتداد ومساومة نتيجة عدم وجود قيادة مجربة ومقتدرة ومسيطرة على المد الجماهيري . وهذا ما تحقق في العقود الماضية بصورة تكاد ان تكون تامة حيث شرذمت او دمرت او احتويت اغلب القوى الكبرى المجربة تمهيدا متعمدا لخلق حالة انعدام او ضعف الضابط الوطني المسيطر والمقتدر ، ومن لم يدمر او يفتت من القوى الوطنية الكبيرة والعريقة نضاليا باعمال داخلية وبقي قويا ومؤثر جماهيريا اسقط بعمل خارجي عن طريق الاحتلال ونشر الفوضى الخلاقة كما حصل في العراق . ان عدمية الانتفاضة المتجسدة في غياب مشروع وطني ستراتيجي والاعتماد على هدف اسقاط النظام فقط والافتقار للتنظيم الشعبي الواسع القادر على السيطرة على الوضع ومنع الردة من الانتصار هو الشرط المسبق المطلوب لمنع تحولها الى ثورة وطنية وضمان استخدامها كاداة تفتيت للدولة والمجتمع ونشر الفوضى ومنع الكتل الوطنية غير الجماهيرية من السيطرة على الانتفاضة ، وحتى اذا اصبح لها تاثير عليها فانه تأثير محدود جدا . وعلينا ان نتذكر بديهية نفسية وهي انه حينما تصل عملية قهر الشعب واستغلاله حد اذلاله وسلبه الشروط الانسانية للعيش الكريم فانه يصبح خاضعا لمحرضات انتفاضة عفوية وعدمية تتمحور حول تحقيق هدف او اهداف مباشرة وينسى الاهداف الكبرى الوطنية والقومية ، ولهذا لابد من الشك بان افقار الناس واضطهادهم يقترن بتوقع تفريغ شحنة رفض حاد وغضب عميق بصورة انتفاضة عفوية تتحرك بالعواطف فقط وتفتقر للتفكير العقلاني والستراتيجي ، ولذلك تصبح عدمية الطبيعة لانها لا تعرف هدفا بعيدا او بديلا لما ترفضه ، وهنا تكمن الثغرة القاتلة في الانتفاضة العفوية . وهذا ما نراه الان في تونس بكامل اثاره وفي مصر باغلب اثاره . ان بيئة الاستبداد الشرقي المتراكم خلال قرون والفيات ، سواء كان اسريا او اجتماعيا او سياسيا او اقتصاديا ، تنتج رفضا عدميا حادا غالبا مماثل في توتره لتوتر ممارس الاستبداد ومعاكس له في الاتجاه ، اي ان المظلوم حينما يتمكن يصبح ظالما ويتقمص نفس دور الظالم الاصلي او الاول في استجابة تلقائية لحالة القهر اوالاستغلال المتراكم الذي تعرض له طويلا . وهذه الحالة ترينا ظاهرة متكررة في التاريخ وهي ان نزعة التخلص من القهر تسبق نزعة الفهم الشامل للحالة وكيفية معالجتها بصورة عقلانية ، تماما كما يفعل من يصاب بصداع شديد ومستمر يقلق حياته بقوة حينما ياخذ حبوبا قاتلة للالم وليس البحث الفوري عن مسبب الصداع ومعالجته جذريا حينما تندفع الجماهير بعد 30 عاما من الكبت والقمع والفقر والاستغلال والفساد والديكتاتورية من اجل تغيير الوضع وتقدم مئات الشهداء والاف الجرحى وتخسر الدولة المليارات لكن النتيجة تكون قيام نظام لا يعبر عن تطلعاتها ولا ينسجم مع تضيحاتها وتحملها لعقود لانه عبارة عن تغيير للوجوه او بعض اساليب العمل ، فما يحدث ؟ احباط شديد وعزوف الشباب وغير الشباب عن مممارسه السياسة بعد ان افرغت شحنات الغضب والرفض بصورة ممتازة ولم تعد هناك شحنات قوية تكفي لدفع الشباب للقيام بانتفاضة ثانية . هنا نصل للسؤال الاكثر اهمية وهو : لمن يخدم ذلك ؟ ان الجواب يتطلب توضيحا لقضية حساسة وهي دور الفيس بوك في تنمية الروح العدمية والتمر د العدمي المجرد من اي افق ستراتيجي . من يعتقد ان شباب الفيس بوك يستطيع تجاوز الانتفاضة العفوية والعدمية واهم لانهم يرفضون قادة الاحزاب المعارضة بشكل عام ولا يثقون بهم كثيرا ويرون انهم قصروا في واجباتهم بدليل انهم لم يقوموا بالانتفاضة بل قام بها الشباب ، ولكن وبنفس الوقت ليس لديهم قادة بخبرات وامكانيات تشكيل قيادة منهم تحل محل النظام البديل ، فماذا يحدث ؟ يضطرون لقبول احد خيارين : حكومة مساومات او حكومة وطنية ضعيفة هي ثمرة اتفاق النخب الوطنية التي ليس من بينها حزب جماهيري . ما هي النتيجة ؟ في الخيار الاول تمتص نقمة الجماهير ويعود النظام من الشباك بعد ان طرد من الباب وتكون النتيجة الطبيعية يأس جماهيري خصوصا يأس الشباب ، اما في الخيار الثاني فان ضعف الحكومة الوطنية وتشتت تياراتها واختلافاتها وعدم اسنادها من قبل تنظيم جماهيري فعال وموحد يؤدي الى سحق الوحدة بين هذه القوى نتيجة الصراعات على السلطة او نتيجة العجز عن القيام بخطوات فعالة ومؤثرة ، مرة اخرى ستكون النتيجة هو اليأس الجماهيري والشبابي . ومرة اخرى ايضا لمن يخدم ذلك ؟ حينما قيل ان الثورة يصنعها الثوار ويستولي عليها الانتهازيون فلانها لم تكن ثورة بل انتفاضة عفوية او عدمية ، تتحكم في قادتها طبيعة رافضة بقوة ومقاتلة بشراسة لكنها تفتقر للافق الثوري الذي لا يتوفر الا بقيامه على ستراتيجية واضحة مرسومة بعد دراسة معمقة والا اذا كان من يطبق هذه الستراتيجية منظم ولديه قاعدة شعبية كبيرة قادرة على ضبط الوضع وتوفير الاستقرار بوجود اغلبية منظمة موحدة تضع الجميع امام امر واقع لا يمكن تجاوزه فتقبل بالتعاون معه وعدم اللجوء للانشقاقات التشرذمية ، اما اذا وصل الظلم والفقر والاضطهاد الى حدود لا تحتمل وبغياب الافق الستراتيجي والتنظيم المركزي المحوري والفعال والمجرب فان الذي يحدث ليس ثورة وانما رفض جماهيري عفوي وعدمي اضراره الستراتيجية اكبر من فوائده التكتيكية الانية والطارئة . الثورة الفرنسية والثورة الجزائرية تقدمان مثالان لثورة عفوية لم تضع هدفا لها سوى الحاق الهزيمة بالعدو ، في الثورة الفرنسية كان الملك وفي الثورة الجزائرية كان الاستعمار الفرنسي ، اما بعد ذلك فان الاهداف متناقضة او لا توجد لذلك وصلت الثورة الى طريق مسدود . اما المثال الاخر المناقض فهو الثورة الروسية والثورة الكوبية فهما كانتا عملا تم في اطار ستراتيجية ثورية واضحة ليس هدفها فقط هو طرد النظام الفاسد بل اقامة بديل مختلف كليا ، لذلك بقيت الثورة الروسية لمدة سبعين عاما فيما بقيت الثورة الكوبية اكثر من 60 عاما ومازالت مستمرة وفي الحالتين حصلت تغييرات جذرية لصالح الجماهيلا الفقيرة . حينما درست المخابرات الامريكية والاوربية طبيعة الانتفاضات والثورات وادركت ان العفوية والفوضوية والعدمية هي الطرق المفضية حتما لاغتيال المشروع الثوري الحقيقي دون تدخل من المخابرات شرعت بدعم اتجاهات شبابية متمردة بقوة على النظام الرأسمالي وتيارات فكرية في اوربا وامريكا الشمالية تتميز بانها ترفض الايديولوجيا والتقيد باي تنظيم مركزي حديدي لا بد منه لنجاح اي ثورة حقيقية ، وتتمسك بنزعات فردية وفوضوية وعدمية ترفض الواقع الحالي لكنها لا تملك ولاتعرف البديل ، فتكتفي بتهديم الواقع وتترك ما بعده للصدف والتطورات العفوية مما يضع اي انتفاضة او ثورة امام تحد خطير وهو انها لا تعرف دربا تسلكه فتتلاشى الحماسة الثورية وتحل محلها الرخاوة والعزلة والياس لدى من قاموا بالا نتفاضة . ولدينا مثال واضح على دور المخابرات الامريكية والاوربية في تشجيع و دعم تلك التيارات ومنها ابراز ودعم افكار مفكر امريكي اسمه هربرت ماركوزة – او ماركوز – والذي اصبح بديلا عن ماركس وانجلز بالنسبة لليسار الاوربي والامريكي الشمالي مفجر ربيع عام 1968 وهو انتفاضات شبابية اجتاحت اوربا الغربية وامريكا الشمالية شارك فيها الملايين ورفعت شعارات رفض الرأسمالية والامبريالية بقوة واستقطبت كل الغاضبين والرافضين في العالم الغربي واستمرت فترات طويلة ، ولكن ما ذا كانت النتيجة ؟ كانت افكار ماركوزة مزيج من الماركسية والعدمية والوجودية والعفوية الثورية ولذلك كانت افكارا فضفاضة تسمح بكل شيء لكنها لا تفضي الا الى تنفيس الروح الثورية وامتصاص النقمة الشعبية ومن ثم ادخال الانتفاضة في قناة ضيقة وهي قناة الفردية والتحلل الجنسي والعزلة والفردية والاغتراب واليأس في نهاية المطاف ...الخ . وتلك كانت حركة فكرية لمثقفين وليس لانصاف مثقفين وكانت ثقافتهم العدمية والماركسية المغتربة رد فعل على الدوغمائية الشيوعية ومحاولة للتخلص من كل قيد ، فكانت مصدر ارباك لهم لانها رمتهم في قيعان التجريد والبحث عن اجوبة لاسئلة تتعلق بقضايا ميتافيزيقية من المستحيل تقديم اجوبة يقينية عليها ، او قضايا انوية – من الانا او الذات المتضخمة - تتعلق باعتبار الذات الفردية هي مصدر الحقائق النسبية او العامة وليس الجماعة ، وتظافر الفشل في انجاح الثورة وما سببه من يأس مع القوة والتأثير الهرموني الذي يجبر الشباب على التصرف بقوة وحماقة ونزق لتحقيق تلك النتيجة المفجعة للثوريين الحقيقيين ، فضاع جيل كامل وتبددت فرصة اسقاط النظام الرأسمالي في اوربا الغربية وامريكا الشمالية وتحول الشباب الى عدميين – هيبيين بصورة تامة لا تهمهم السياسة وانغمسوا في اباحية جنسية شكلت نقلة نوعية في اضعاف ما كان يسمى الافكار و المجتمعات التقليدية . لقد اتهم ماركوزة بانه عميل للمخابرات الامريكية وانها استخدمت افكاره لاحتواء الغضب اليساري والشعبي على الرأسمالية ، ولكنني اعتقد بانه لم يكن عميلا وانما استخدمت افكاره من قبل المخابرات الامريكية لوضع الغضب الشبابي في مسار لانهاية واضحة له وتلك هي الخطوة المطلوبة لتبديد الروح الثورية والغضب الثوري او احتواءه . والسؤال الذي يقدم لنا فكرة عن خطورة العفوية في العمل السياسي هو التالي لنفترض ان قادة انتفاضات ربيع عام 1968 كانوا مؤدلجين – اي اصحاب ايديولوجيا - ومنظمين في حركة او حزب ثوري حقيقي هل كان ربيع اوربا وامريكا الشمالية سينتهي بخريف معتم لا ضوء فيه يبعث على الكأبة واليأس والاحساس العميق بحتمية الفشل ؟ الان وبعد عقود من الزمن يمكن التأكيد على ان النتيجة كانت ستكون اسقاط الانظمة الرأسمالية في اوربا الغربية وربما برزت امكانية لاسقاط النظام الرأسماالي الامريكي عن طريق توجيه انتفاضة الشباب وغضبهم الجامح نحو الدولة الرأسمالية وانهاكها بطرق معروفة ومدروسة تؤدي الى انهيار الرأسمالية . بفضل العفوية والعدمية في اوربا وامريكا الشمالية نجحت الرسمالية في البقاء والتكيف بسرعة وتمكنت من احتواء بعض اسباب الانتفاضة ومعالجتها لعزل الطبقة الوسطى وهي مادة الانتفاضة تلك . وهنا لابد من الاشارة الى حقيقة تقدم لنا صورة مفيدة جدا الان ، ونحن نعيش فترة انتفاضات شعبية جامحة ، وهي ان دعم العفوية والفوضوية الثورية وفشل الانتفاضات هز الحركة الشيوعية واليسار الغربي عموما مرتين مرة حينما استولى الشباب المنفلت والعدمي على الشارع وعزل اليسار المنظم والعقائدي ، ومرة عندما فشلت الانتفاضات وتلاشت او ضعفت غضبة ورفض الجماهير للرأسمالية ، فدفع ذلك الى اعادة النظر بالماركسية – اللينينية او التشكيك وبرزت ظاهرة سميت ب ( الشيوعية الاوربية – يوروكوميونسم ) وهي حركة منفتحة رفضت دوغمائية ستالين والمعسكر الشيوعي ، ووصلت تلك النزعة الاصلاحية حدود رفض المادية الجدلية لانها تفسر الكون وترفض الدين والايمان الديني فرأينا احزاب شيوعية وشيوعيين يؤمنون بالله ! كما انها التزمت بالنضال البرلماني طريقا لبناء الاشتراكية وتخلت عن العنف الثوري ، وكان ابرز من مثل هذا التوجه فيلسوف الحزب الشيوعي الفرنسي روجيه غارودي والذي اعتنق الاسلام فيما بعد خصوصا في كتابه الشهير ( واقعية بلا ضفاف ) الذي صدر في الثمانينيات من القرن الماضي . في ضوء ما تقدم فان تجارب العالم تقدم لنا دروسا لابد من قراءتها والاستفادة منها في تجنب وصول العمل النضالي العربي ، خصوصا الانتفاضات الحالية ، الى نفس الحالة التي وصلت اليها انتفاضات الشباب الاوربي والامريكي في الستينيات من القرن الماضي لان الطبيعة البشرية واحدة مهما اختلفة البيئة في التفاصيل العامة . لذلك لابد من الاعتراف بشجاعة بان القيمة الستراتيجية لاي انتفاضة تكمن في وجود افق ستراتيجي لها طويل المدى من جهة وامتلاكها تنظيم جماهيري مركزي وقوي وموحد سياسيا وايديولوجيامن جهة ثانية ، وبدون ذلك ستكون نتيجة تضحيات الشباب وعرقهم هي احتواء الانتفاضة وزجها في نفق مظلم يدفع الشبابوالجماهير للياس والانسحاب من ساحة النضال الوطني والقومي والاجتماعي هل تريد امريكا انتفاضات عفوية وعدمية في الوطن العربي وتدعمها ؟ نعم هي تريد ذلك ، وما جعل دعوات حقوق الانسان والديمقراطية اهم بنود ستراتيجية امريكا خصوصا منذ انهيار الشيوعية وزوال الحرب الباردة الا تعبيرا واضحا عن هذه الحقيقة المعاشة ، فبعد ان سحقت القوى الرئيسية في الوطن العربي ، اما نتيجة الصراعات بين القوى الوطنية او بفضل خطط الاستعمار القائمة على تصفية القوى الوطنية الكبرى ، وجاء عصر القطب الواحد شرعت امريكا بالاستثمار الامثل لظاهرة وجود كتل نخبوية وطنية او عميلة لكنها نخبوية عاجزة عن تحقيق التغيير الحقيقي لانها بلا قواعد جماهيرية ، فتقسمت ولاءات الجماهير بين هذه النخب وغابت القوة المركزية ، وبذلك اصبح ممكنا تحقيق تراكم متعاقب للغضب والرفض المصحوب بعجز النخب عن استغلاله لاطلاق انتفاضة شعبية ثورية مخطط لها وتسيطر على حركتها قوة موحدة فتأبد القمع والفساد والتبعية . وهذا هو سبب استمرار ظاهرة شراسة الانظمة ضد الجماهير وتعميق الديكتاتورية خصوصا انظمة جمهورية اصبح التوريث عمادها وممارسة معلنة ولا ترى فيها تناقضا مع قاعدة النظام لجمهوري وهي الانتخاب وعدم توريث الرئاسة كما يفعل النظام الملكي . اما الجماهير فكانت ومازالت عين ترى وتعرف وعين اخرى تدمع لانها لا تستطيع احداث التغيير الحقيقي وسط عجز النخب الحزبية واضطرابها او نتهازيتها ، او انفراد النظم الفاشية العربية والامبريالية الامريكية بالقوى الوطنية الكبيرة التي صمدت ومحاصرتها وتوجيه ضربات منظمة ودورية لها لمنعها من التأثير الحاسم . وهنا جاء دور الانتفاضات العفوية التي تولى الفيس بوك الاعداد لها لتكون ليس الثورة الوطنية والجذرية كما تريد الجماهير بل عبارة عن تنفيس الغضب الشعبي واحتواءه واستغلاله في تدمير ما تبقى من الوطن كما حدث في ربيع عام 1968 ، كيف يتم ذلك ؟ يتبع 23/2/2011
صلاح المختار" لكي لا تحول الانتفاضات الوطنية الى فوضى كوندي ( 2 )