هديل صدام حسين(1)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هديل صدام حسين(1)

منتدى فكري - ثقافي - سياسي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو عصام العراقي




عدد المساهمات : 107
تاريخ التسجيل : 08/07/2011

الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق Empty
مُساهمةموضوع: الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق   الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق Icon_minitimeالسبت يوليو 28, 2012 2:17 pm

الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق 552657368
الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق Decb1949bc045d00b3e7acf7dffd4471
الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق
ويكيليكس ألبعث العراقي
2012-06-15

تعليق : يتهمنا البعض بأننا نسعى إلى شق صفوف الحزب عندما آلينا على أنفسنا التصدي لمن يريد فرض السياق السابق لإدارة دولة البعث خلال عقود ثلاثة ونيف على تجربة ونضال البعث في ميدان المنازلة مع قوات الغزو والاحتلال وما تمخض عنه من عملية سياسية دمرت الأخضر واليابس ونحن نؤكد لرفاقنا أننا ننشر كل ما يفيد البعث وتجربته النضالية العظيمة وما شابها من أخطاء سواء أكانت صادرة من جهة تتفق معنا أو تختلف طالما إن ما ننشره مفيد للحزب ولهذا ننشر موضوع السيد ضياء حسن الوثائقي لتاريخ البعث في العراق .
البعث وحديث البداية في العراق ... ضياء حسن

لنا في تأسيس الحزب في العراق على يد رفاق أوائل استلهاما للرؤية القومية التي حددها الفكر ألبعثي اعتمادا على تفاعل جد مخلص مع معاناة الأمة وبإحساس عميق متفهم لضرورة أقران ذلك الإحساس بفعل ليس مستجيبا لفظيا لتطلعاتها، وانما بأن يخطو خطوة عملية في اتجاه إزالة جميع الأسباب التي أدت الى وجود هذه المعاناة وبما يجعل السبيل الى تصحيحها متاحا.
فمن هذه الرؤية القومية السديدة انطلق الرفاق الأوائل في التأسيس ليبدؤوا مسيرة التبشير بفكر البعث ومبادئه.
وعلى وفقها أسس الرفاق الذين واصلوا المشوار النضالي ألبعثي بجهد اقتحامي ناضج ليحققوا للعراق والأمة انجازات لم يكن يفكر فيها أحد من السياسيين التقليديين منهم أو الذين يدعون أنهم من الثوريين، وهذا ما سنتحدث عنه لاحقا،،
حديثي عن بدايات تأسيس الحزب في العراق ملئ بصور الإبداع النضالي المستند الى الحضور الميداني الناشط في جميع الفعاليات والتظاهرات التي شهد ساحات الوطن منذ بدايات التأسيس صعودا الى تفجير ثورة 14 تموز 1958 ودور الحزب فيها.
وعذرا أن لم أسترسل لأن الحديث يطول والأحداث التي تلت قيام الجمهورية كثيرة ومتشابكة فيها من الإيجاب الكثير ومن السلب ليس قليلا، والحديث عنها لا يحتمل الإيجاز.
وكما أشرت في الحلقة السابقة أن اقتصاري في الإشارة للبداية اقتضتها مناسبة الاحتفال بالذكرى 65 لتأسيس البعث، وصار واجبا علينا التذكير بالبداية، والتعريف بالمؤسسين الأوائل وهو حق للرفاق ممن شاركوا في نضال البعث وللمواطنين الذين عايشوا مسيرة الحزب وتلمسوا صدقه المبدئي في التصدي لأعداء الشعب والأمة دائما وكان الرفاق على درجة عالية من الاستعداد للتضحية بالروح ونزف الدم من أجل ان تأخذ هذه الأهداف وهي تمثل حلم الشعب للمس طريق الأمل ببدء مرحلة العمل الجاد المؤدي لتحقيق ذلك الحلم ليصبح بعد سنوات من النضال الباذل المعروق حقيقة معاشة على يد طليعة بعثية نذرت نفسها لهذا الهدف العظيم.
والآن لنلقي ضوءا على هذه الحقائق المتصلة ببدايات البعث في العراق، بماذا أتسمت وأي نسق من الانعطاف الجماهيري حققت وهي تطرح برنامجها مؤطرا بآفاق فكرية جديدة على الساحة العراقية.
بدءا جاءت ولادة الحزب في العراق متأثرة بمنهج البعث ومبدئيته عبر معايشة لما نقله فريق من الطلبة العرب والسوريين منهم بالدرجة الأولى الذين جاءوا الى العراق للدراسة في مدارسه الثانوية وكلياته بعد أن حصلوا على منح دراسية حكومية اعتبارا من منتصف الثلاثينات من القرن الماضي قبل اغتيال الانكليز للملك غازي رحمه الله والذي عرف برفض وجودهم في العراق وهو الآمر بقبول الطلبة العرب عبر ((دار البعثات العربية)) والتي اتخذت لها مقرا في مدينة الأعظمية وتصاعد وصولهم الى العراق بعد قيام ثورة 41 التي قادها الراحل رشيد عالي الكيلاني مع العقداء الشهداء الأبطال الذين أعدمهم الوصي على العرش عبد الإله خال الملك فيصل الثاني رحمه الله وهو أبن الملك غازي وكان للوصي ضلعا في تدبير عملية اغتيال غازي تواطؤا مع لندن.
وتميز تأسيس الحزب بثلاث مراحل وهو ينتظم وينشط سرا وهي :
الأولى – وتمثلت بالتعريف بفكر الحزب القومي الاشتراكي من خلال تواجد الرفاق العرب في المدارس الثانوية والكليات العراقية بهدف خلق المناخ المناسب لكسب رفاق عراقيين يتولون معهم وضع اللبنة الأساس للتنظيم الجديد قبيل مغادرتهم البلاد بعد انتهاء فترة دراستهم فيها.
الثانية - تركز الجهد فيها على شد التنظيم الذي ضم الطلاب العرب الى جانب من كسب من تلاميذ المدارس الثانوية وطلبة الكليات في بغداد، وتقويته بخوض معترك النضال الجماهيري بصورة تدريجية ومنها وثبة كانون الثاني 1948 التي ساند البعثيون العرب ومن كسب من العراقيين تظاهراتها والفعاليات الداعمة لها الى جانب أحزاب المعارضة وأستطاع حشد الشارع العراقي لإسقاطها قبل أن تقر رسميا على الرغم من أن صالح جبر رئيس الوزراء العراقي في ذلك الوقت كان قد وقع عليها بالأحرف الأولى مقابل توقيع رئيس الوزراء البريطاني أيدن في ميناء بورت سموث لتكون بديلة لمعاهدة عام 1930 التي رهنت مصير العراق بالهيمنة البريطانية وجاءت المعاهدة التي أريد فرضها لإدامة هذه الهيمنة وليس وقفها أو التخفيف من قيودها كما أدعى ذلك صالح جبر’ فأسقطت المعاهدة بإرادة وطنية عراقية حرة.
الثالثة- التوسع في بناء التشكيلات الحزبية بكسب وضم المزيد من المناضلين الى صفوف البعث بتوسيع قواعده في المناطق الشعبية البغدادية وتكثيف التواجد في الفعاليات الثقافية والاجتماعية والرياضية التي تشهدها بغداد خدمة للتعريف بفكره وبرنامجه السياسي طبعا، بدءا من الأعظمية للرصافة والكرادة والكرخ، وتكليف الرفاق من الطلبة الذين يتلقون العلم في العاصمة الى التحرك في محيط مدنهم أو قراهم لأداء نفس المهمة، وفي هذا الصدد نظمت زيارات لعدد من المحافظات .
فعلى وفق هذا المنهج بدأت الخطوات الأولى للتنظيم الحزبي البعثي في العراق بقيادة الرفيق فايز إسماعيل الذي وصل بغداد يصحبة شاعر البعث الرفيق سليمان العيسى وتبعهما بالوصول أدهم مصطفى ومسعود الغانم وجميعهم من القطر السوري الشقيق ومن الأردن وصل الرفاق عبد الكريم خريس وفائز مبيضين وأرشود الهواري وأحمد اللوزي وأحمد الهنداوي ووحيد غرايبة وحاكم الفايز ومن اليمن صالح الحبشي ومن حضر موت أبو بكر عبد الله الحبشي ومن تونس أبو القاسم كرو.
وأختلط الطلبة السوريون بداية بزملائهم العراقيين في ثانوية الأعظمية وكان في مقدمتهم فخري قدوري وعبد الرحمن الضامن حيث رددا القسم عام 1948 أمام الرفيق فايز إسماعيل بحضور الرفيق طه علي الرشيد وهو طالب عراقي من أصل سعودي.
وتطور الكسب الحزبي في المرحلة التي أستلم فيها الرفيق فخري مسؤولية التنظيم من الرفيق الضامن الذي أعتذر عام 1950 بعد فترة قصيرة من تسلمه المسؤولية من الرفيق أبو القاسم كرو وكان الاعتذار لأسباب صحية مع ملاحظة أنه كان متأثرا بتوجهات دينية كما أشار الى ذلك د. فخري في كتابه الذي أشار فيه الى البدايات.
وأتخذ أتساع التنظيم في فترة الرفيق فخري مسارين الطلابي والمناطقي الذي ارتفعت وتيرته على مستوى بغداد، فيما شهد الانتشار على مستوى المحافظات أولى الخطوات من خلال كسب الطلبة القادمبن من المحافظات، ولم يكن شاملا جميع المحافظات، لعدم توفر المستلزمات اللوجستية المساعدة على الانتشار وإدارة العملية التنظيمية وتفعيل مبادراتها غير أن التحرك على المستوى الطلابي ونزوح أغلبية العناصر المكسوبة من أصل عمالي وفلاحي وكسبة وموظفين ساعد على ألانتشار بين الأوساط الشعبية بشكل انسيابي وسريع، وتحقق هذا بفضل ثلاثة عوامل :
أولا – المبادئ التي تضمنتها حركة البعث سواء كفكر قومي اشتراكي أنساني أو ما طرحته من برنامج سياسي لفت انتباه المواطنين وأستقطب دعوتها الى :
1- تحرير الإنسان العربي في عموم الوطن الكبير من أسباب التخلف وإطلاق أرادته المقتدرة لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعي ووحدة الشعب والأمة إمساكا بالاستقلال الناجز
2- الخلاص من الهيمنة الاستعمارية الأجنبية واسترجاع ثرواته المنهوبة من الشركات الاحتكارية وتكريس عوائدها في الشروع بوضع خطط تنمية تعزز النهوض العربي في بناء التجربة الوطنية المستقلة التي تحقق رفاه الشعب
3- وضع قواعد تؤسس لقيام حكم ديمقراطي حقيقي في العراق والوطن العربي يستند لإطلاق الحريات الديمقراطية الكفيلة بتفجير طاقات المواطنين للنضال من أجل المساواة في التمتع بالحقوق والواجبات بينهم، وخصوصا بين المرأة والرجل وحشدها في خدمة هدف مشاركة الجماهير بمجموعها في بناء استقرار الوطن واستتباب أمن مواطنيه.
4- الدعوة لبناء تجربة تربوية وتعليمبة تؤكد :
أ - تمتع المواطنين من جميع الأعمار بحق التعليم
المجاني أينما تواجدوا في المدن أو القرى النائية شاملا المرأة وكبار السن في المدن والأرياف وتوفير مستلزماتها من أبنية وكادر تعليمي ومناهج تدريسية وكتب توزع مجانا.
ب – التوسع في التعليم الجامعي، زيادة في عدد الجامعات وتنوعا في جديد اختصاصاتها، والتوسع في التعليم العالي لسد احتياجات الوطن للكفاءات العلمية في جميع الاختصاصات.
5- الدعوة لاعتماد سياسة خارجية مستقلة رافضة الانخراط في الأحلاف العسكرية أو الانحياز لأحد الأقطاب الدولية المتصارعة على استقطاب الدول والشعوب لتعزيز هذا القطب أو ذاك والدعوة الى الحياد بين المتصارعين على أن يكون ذلك ايجابيا بحيث تأخذ من دول العالم ما تحتاجه دون أن تكون تابعا لأحد المتصارعين.
وهو ما ألتزمت به ونفذته فعلا ثورة 17 تموز القومية التقدمية التي قادها الحزب عام 1968 وترجمته الى مجموعة كبيرة من الانجازات الوطنية النوعية التي نادى بها وناضل من أجلها الحزب طوال عشرين عاما منذ بداية تأسيسه عام 48 حتى انبثاق ثورة 17 تموز عام 68، وسوف نتوقف عندها لاحقا لنستذكرها ونذكر بها من فقدوا الذمة والوفاء.
ثانيا – التبشير بالمنهج الأخلاقي الذي يلتزم به الحزب وهو يطرح أفكاره المبدئية التي نادت بالتمسك بحقوق الشعب والأمة وبما يعزز القيم الإنسانية والأخلاقية في المجتمع الذي يناضل البعث من أجل أحداث تغييرات جذرية، توفر جوانب الصحة والصدق فيه كركيزة يستند اليها البناء الجديد، لتكون قاعدته مبدئية ووسائلها مبدئية أيضا لذلك كان تركيز البعث منذ البداية على التمسك بمبدأ الغاية لا تبرر _الواسطة_ الوسيلة، فمهما بلغت الغاية من النبل لا يمكن ان يقبل تحقيقها الا بواسطة مشروعة، وليس كما فعل ويفعل السياسيون العراقيون التقليديون أو من ربط ارادته بعجلة الأجنبي شرقا أم غربا وأمثالهم من العرب في السابق والآن أيضا!!
وهكذا كان التميز الأخلاقي لحركة البعث منذ البداية، وقد ألزم الحزب نفسه بهذا الشرط وغيره، ليؤكد مبدئيته وهو يختار المنتمين له، ليكون محصنا من الداخل لذلك دعا من يختار البعث طريقا أن يمتلك استعدادا للتضحية بمستوى الاستعداد للانقلاب على الذات وتخليصها من أدران سلبية قد تكون لحقت به قبل ولوج طريق النضال البعثي المتسم بالأخلاقية المبدئية.
وقد وجدنا ان نورد الاشتراطات التي طرحها كأساس لمنح العضوية الحزبية لمن يرغب في نيلها وهي ليست صعبة التوفير لمن كان طبيعي السلوك وصادقا في النيات ومحصن الأخلاق ومن بين ما دعا الحزب الى توفره في طالب الانتماء وألزم القيادة التحري عنها هي :
1- الوضع الأسري له وعلاقته بذويه. ومن هم أقرباؤه وأصدقاؤه؟؟
2- ما هو ماضيه السياسي والاجتماعي هل كان منتميا لحركة سياسية أخرى أو الى ناد أجتماعي، فمن هي الحركة وما طبيعتها ومن هو النادي وما هي طبيعته؟؟
3- ما هو سلوكه في التعامل مع الناس وما هي سمعته بينهم، هل يكذب وهل هو وصولي؟؟
4- ما هو مستواه الدراسي، هل يغش في الامتحانات؟؟
5- ان تتم تزكيته من قبل رفيقين عضويين عاملين.
وهي اشتراطات لا تبقي باب الانتماء للحزب مفتوحا أمام كل من هب ودب؟؟
ثالثا - أرتبط صدق المبادئ التي نادى بها البعث بصدقية المبادرات التى نهض بها المناضلون وهم يرفعون راياته المعبرة عن مطامح الشعب وتطلعاته لإقامة حكم وطني ديمقراطي عادل غير خاضع للنفوذ الأجنبي يجسد أرادة الجماهير في الاستجابة لما تطمح له من تحقيق حاضر رافه وبناء مستقبل رغيد.
ويمكن القول بأن مرحلة الانتشار الجاد للحزب في المناطق الشعبية بدأت عمليا في الفترة التي تلت تحمل الرفيق فخري قدوري مسؤولية التنظيم بعد حصول موافقة الحزب في دمشق على اقتراح من الرفيق ابو القاسم كرو الذي كان يعتزم مغادرة العراق بعد انتهاء فترة دراسته الجامعية في أثر تخرجه من دار المعلمين العالية.
وقد أيد هذا الترشيح الرفيق فايز إسماعيل الذي عاد الى دمشق وكان المؤسس لأول خلية حزبية ضمت بداية الطلبة العرب الدارسين في بغداد وكذلك حقق اتصالا بعدد من الطلبة العراقيين ليشكلوا اللبنة الأولى لتنظيم البعث في العراق ومنهم وفي مقدمتهم الرفيقين عبد الرحمن الضامن الذي أعتذر مبكرا وفخري قدوري الذي تواصل في تحمل المسؤولية ووفق في مشوار البداية.
وشهد التنظيم الوليد تطورا مهما في عام 1949 بتشكيل أول تنظيم يرتبط -بفايز إسماعيل- وكان أشبه بفرقة لاستيعاب المزيد من الطلبة العرب القادمين من الخارج إضافة لمن كسب من العراقيين خلال عام مضى..
واتسع الكسب الحزبي بعد ذلك حيث تم تشكيل قيادة للفرقة من خمسة أعضاء في تشرين أول عام 1950 لتكون نواة للتنظيم البعثي على المستوى الطلابي وكذلك على مستوى المناطق السكنية.
وسرعان ما تطور التنظيم الحزبي بتشكيل ثلاث فرق هي الأعظمية والكرخ والكرادة ليصيح التنظيم بمستوى شعبة عام 1952 ويرتقي التنظيم الى مستوى أول فرع تحتضنه بغداد عام 1953.
وعلى نفس النسغ تمت عمليات تأسيس الخلايا الحزبية الجديدة في بغداد والمحافظات في الفترة التي سبقت انعقاد أول مؤتمر قطري للبعث في العراق في كانون أول 1954 في دار الرفيق فخري قدوري، محلة السفينة في الأعظمية التي كانت تضييف الاجتماعات التنظيمية على الدوام، وضيفت أول مؤتمر قطري للحزب بحضور 25 رفيقا ورفيقة (الدكتورة سعاد خليل إسماعيل التي شغلت منصب وزيرة التعليم العالي بعد انبثاق ثورة 17 تموز 1968 وشقيقتها) وجميع من حضروا يمثلون تنظيمات بغداد وبعض المدن من خارجها ومكاتب الحزب، ومن بينها التنظيم النسوي كما يذكر د. فخري قدوري في كتابه الموسوم -هكذا عرفت البكر وصدام وأسفر المؤتمر عن انتخاب أول قيادة قطرية للحزب عن طريق الاقتراع السري وضمت الرفاق فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي وتحسين معلة وجعفر قاسم حمودي وشمس الدين كاظم وفاهم كامل الصحاف وعبد الله الركابي. ومن ثم تم انتخاب فؤاد الركابي أمينا لسر أول قيادة قطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق.
وعلى الرغم من الضعف فيما توفر من إمكانيات ومستلزمات تنظيمية واعتماد الحزب في ماليته على ما يأتيه من اشتراكات الأعضاء الشهرية وتبرعات من المؤيدين وما يدره مشروع القرش البالغ (عشرة فلوس) يدفعها الرفاق الذين يحضرون الاجتماع الأسبوعي، ألا أن مبادرات الرفاق والأنصار المتميزة بالانتشار الدائم على أماكن الأنشطة الطلابية والسياسية والأندية الثقافية والاجتماعية والرياضية لحضور أنشطتها أولا والإسهام في فعالياتها ثانيا، واستثمار تواجدهم فيها للتعريف بالحزب و بفكره الإنساني وببرنامجه السياسي مما أتاح له فرص الحضور اليومي في تلك الفعاليات والأنشطة، لأن سعتها كبيرة والتواجد البعثي فيها كان يغطي كامل أيام الأسبوع فتعزز ذلك الحضور ليكون في أغلب الأحيان يوميا وربما يتكرر أكثر من مرة في اليوم الواحد.
ومما يستدعي استذكاره والتنويه به على سبيل المثال اعتمادا على مبدأ التكافل بين الرفاق لتأمين مستلزمات أي نشاط يبادرون اليه حتى من دون استشارة لأي مسؤول حزبي لأن مثل هذا النوع من الممارسات تأتي تلقائيا وبين رفاق لا ينتمون لخلية بعثية واحدة بل لأكثر من واحدة، ولكن يجمعهم واعز التعريف بالبعث على أكثر من نطاق ومكان.
وأعود للتذكير بثلاثة أمثلة في سياق الحديث عن هذا التوجه التلقائي لأشعار الاحزاب والقوى الوطنية والأندية الاجتماعية والرياضية بوجود الحزب الجديد في الساحة السياسية العراقية ولإثبات حضوره حتى في السفرات التي تنظمها اللجان الطلابية على مستوى الكليات أو المدارس الثانوية الى المناطق السياحية في بغداد - سلمان باك - وفي بعقوبة - الصدور - والى الحلة – آثار بابل - والى الموصل والبصرة التي نقش الرفاق الزائرون للمدينة في بداية الخمسينيات شعار -عاش البعث- على السياج الخارجي لدائرة الموانئ في المعقل وكان مبنيا بالطابوق قبل ان يغير بسياج من الحديد المشبك وذلك في زمن تولي اللواء الركن مزهر الشاوي لمسؤولية المدير العام بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 والى غيرها من الألوية، ما يسمى الآن بالمحافظات.
وطبيعي كان لهذا النشاط الدور المؤثر الساند لمشاركة الحزب في الفعاليات النضالية الوطنية، لا بل المفعل لدوره فيها وعلى الأخص دوره في بداية التأسيس بين الفترة التي تلت تسلم الرفيق قدوري لأمانة سر التنظيم وحتى انعقاد المؤتمر القطري، وعلى وجه الدقة من أواخر عام 1951 والأعوام 52 و53 و54 وحتى كانون أول منه حيث أنعقد المؤتمر.
وأراني أجد ان أعرض بعضا من بين عشرات المبادرات التي قام بها رفاق البداية في تلك الفترة الزمنية المشحونة بالسعي العراقي للخلاص من هيمنة لندن على رقاب العراقيين ونهبها المنظم لثروات البلاد النفطية، مقيدة بأحكام معاهدة عام 1930 الاستعمارية التي أسست لوجود قواعد عسكرية بريطانية في عدد من المناطق الإستراتيجية في مدن العراق المهمة، كالشعيبة في لواء البصرة المطل على الخليج العربي حيث ممر التجارة الدولية من الغرب الى الشرق والممر البحري لثروات المنطقة النفطية المسروقة من قبل الشركات الاحتكارية العالمية!!
وكانت المنطقة الثانية التي أختيرت لتكون مكانا لأقامة قاعدة عسكرية جوية ثانية هي الحبانية التابعة للواء الدليم –الأنبار- حاليا.
أما الموقع الثالث فكان محاذيا للحدود العراقية مع الأردن ويحاذي خط تصدير النفط العراقي من حقل كركوك الى ميناء حيفا في فلسطين التي كانت تخضع للاحتلال البريطاني ويمر عبر الأراضي الأردنية، وقريبا من الحدود السورية أقصد بذلك قاعدة الأج ثري (H3).
وأعود لعرض الأمثلة التي اخترتها لعكس طبيعة العمل النضالي البعثي الخالي من الغرض الشخصي، بمعنى العطاء المتسم بالاقتحام والتضحية لتحقيق هدف بعثي يتصل بحرية شعب واستقلال وطن دون انتظار لجني ثمن ولعلي أميط اللثام عن معلومة تعكس دورا لعبته مجموعة قليلة من الرفاق من الأعظمية والكرخ والرصافة لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين تعتمد أسلوب المبادرة الذاتية المعززة للتكليفات الحزبية التي لم تكن وافية بحسب تصور هذه المجموعة القليلة في عددها وقد أطلقت على نفسها عنوان -عشو نشو- وهي حروف مبعثرة يرمز بعضها الى نضال الوحدة والاشتراكية وهي :
المثال الأول – واختير له موقع بناية ثانوية الأعظمية للبنات وهو نفس موقعها الحالي الجالس على الشارع الرابط بين المقبرة الملكية ومنطقة رأس الحواش.
أما لأي هدف اختيرت هذه البناية فكان الغرض منه التعريف بالبعث عبر الجدران والصفوف الخلفية للمدرسة من داخلها وليس من الخارج لكونها مدرسة بمستوى ثانوية ووعي الطالبات فيها يفي بجعلهن يحدثن ضجة بين الناس كما توقعنا ومن خلال عائلاتهن أيضا برواية ما حدث بعد الاستماع لبناتهم من خلال التواجد في الساحة الخلفية للمدرسة، مما وفر لنا فرصة كتابة الشعارات والمطالب التي تعبر عنها جماهير الشعب موقعة باسم البعث هذه المرة حصرا باستخدام الطلاء الأسود-البوية- ونثر القصاصات البيض من اللفات الورقية المصمغة التي ظهر بديلها غير الورقي بل الشفاف وقد نثر المكتوب من نوافذ الصفوف المغلقة أبوابها في حين استخدم الطبشور في كتابة الشعارات والمطالب على سبورات عدد قليل من الصفوف وجدت صدفة مفتوحة الأبواب وبعد ساعة من الجهد الحذر وتم بعد منتصف الليل، تركنا المكان. وفي صباح اليوم التالي عدنا الى متابعة المشهد من بعيد فلاحظنا أن عناصر الشرطة السرية متجمعين أمام باب السياج الرئيسي للمدرسة ويبدو ان مسؤوليهم من ضباط التحقيقات الجنائية كانوا في داخل المدرسة لمعاينة المكان مباشرة في محاولة لكشف من هو وراء ما حدث دون جدوى، فالفاعل كان مجهولا. والنتيجة جاءت كما توقعنا، وبالدقة أكثر مما توقعنا بسبب ردة فعل المسؤولين الأمنيين الذين دعوا الى وقف الدراسة في الثانوية لهذا اليوم مما أدى الى انصراف الطالبات الى بيوتهن تغلب عليهن الدهشة، فبدأن بنسج الروايات حول ما حدث، من هم الفاعلون، وما هو البعث، وما وما معنى الشعارات المنقوشة على الجدران وعلى بعض السبورات وعلى الورق اللاصق؟؟
والأهم من هذا بدء تدول أوسع للحديث حول ما حدث بين ربات البيوت في الأعظمية وخارجها من جهة وبينهن وأزواجهن، فأنتقل الحديث الى المقاهي ودارت دورته لتصل (الحدوتة) الى الحزب مقرونة بوصف مبالغ فيه عن جرأة الفاعلين، وسرد لتفاصيل لم تقع أصلا!!
المثال الثاني: وهذا يتكرر بين الحين والآخر ليشمل المناطق الشعبية ببغداد وهو القيام بجولات سريعة في أزقتها لكتابة شعارات الحزب المعرفة بأهدافه المنتصرة لأبناء العراق الكادحين والمنددة بسياسات السلطة الجائرة والمطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية وتوفير مستلزمات العيش الرغيد لجميع العراقيين ودعم النضال العربي من أجل الحرية والإنعتاق من قيود الاستعباد وتأكيد إسناد شعب العراق لجهاد أبناء فلسطين ضد الحلف الغربي الصهيوني الساعي الى الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية وغيرها.
وشملت هذه المبادرة الرفاقيه الذاتية أزقة الأحياء الشعبية الواقعة بين شارعي الرشيد والملك غازي -الكفاح- ابتداء من باب الشيخ وصولا الى محلة الطوب في الباب المعظم ومرورا بالصدرية وأطراف السنك داخل والخلاني وسوق الغزل والشورجة وقنبر علي أي تقريبا المناطق التي شق عليها شارع الجمهورية في الفترة اللاحقة لتغيير النظام الملكي. وبعد أن نفذ الرفاق هذه المبادرة توجهوا الى المكان الذي دعينا للتواجد فيه كتكليف حزبي لحضور حفل يقام بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف والقصد منه التواجد لرفع الصوت البعثي في محيط اجتماعي وليس تجمعا سياسيا بحتا يقام في قاعة للندوات في دار المعلمين العالية وبنايتها كانت تقع بجوار المبنى الحالي لكلية الآداب او الأقرب لموقع قسم الأعلام الذي وسع ليصبح كلية للأعلام قبل سنوات قليلة من وقوع العدوان الأميركي ألأجرامي.
وقبل التوجه الى القاعة كانت لدى الرفاق فسحة من الوقت ليدلفوا باب القسم الداخلي للدار القريبة من القاعة ليلتقوا الرفيق حميد خلخال أبن الفرات الأوسط الذي كان مسؤولا عن تسلم الأرزاق نيابة عن الرفاق الطلاب البعثيين الذين كانوا قادمين للدراسة من خارج بغداد لنجد عنده ما يغني من جوع بعد جهد معروق استمر لساعات طوال استعدادا لبذل جهد جديد لا نعرف الزمن الذي يستغرقه أو ما هي تفاصيله.
وذهبنا الى القاعة وبدأ الاحتفال بترتيل آيات من الذكر الحكيم وتلتها كلمات تحيي مناسبة مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وتتحدث عن مكارم أخلاقة وتسهب في الحديث عن مبادئ العدل والرحمة ومناهضة الظلم ومحاربة الرق والعبودية التي نادى لها الدين الإسلامي الحنيف.
كل شئ جرى بشكل طبيعي وكان البعثيون قد احتشدوا في مكان الاحتفال للتعبير عن حقيقة مهمة تؤكد عظمة الدور الذي نهض به الرسول محمد(صلى) في تحرير الإنسان العربي وغيره من الأقوام من أدران التخلف والظلم واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان مؤكدين على ترديد مقولة الرفيق المؤسس ميشيل عفلق التي تدعو كل العرب ليكونوا محمدا كما كان الرسول العظيم في دعوته الإنسانية كل العرب.
وكان ترديد هذه المقولة يتم لأول مرة في العراق وأمام حفل جماهيري تحضره شخصيات أكاديمية في مقدمتها وزير التربية الذي كان يومها الدكتور عبد المجيد القصاب وعميد الدار وأساتذتها إضافة الى عدد من الشخصيات متعددة الاهتمامات السياسية والثقافية. وقبل ان تنتهي كلمات المتحدثين أعطيت الكلمة لشخصية على ما يبدو أنها تمثل توجها دينيا جديدا كان مطروحا من الانكليز كبديل للإخوان المسلمين في العراق، وقد تضمنت كلمته نوعا من الاستفزاز للرفاق عندما غمز مستغربا وجود بعض من يرفعون في حفل يقام بمناسبة أسلامية شعارات قومية وهذه المرة مقرونة بالاشتراكية.
وعلى الفور أنطلق صوت البعثيين المحتج مما أدى الى توقفه عن الاستمرار بالكلام، في حين بادر الوزير بالصعود الى المسرح بهدف التهدئة ولكنه زاد الطين بله عندما تحدث قائلا : أن القوميين الاشتراكيين هم منا، فكان رد البعثيين واحدا وعالي الوتيرة ونصه،، الفئات الحاكمة ليست منا... لتسقط الفئات الحاكمة،، فضجت القاعة بترديد هتاف، تسقط، تسقط، تسقط مما أضطر الوزير بالانسحاب وتبعه الآخرون، وجاء من يهمس لنا من الشباب المنظمين للاحتفال أن أتركوا بسرعة المكان لأن اتصالا قد تم بدائرة التحقيقات الجنائية يعني ما يوازي الأمن العامة في العهد الجمهوري، وفعلا تم الانسحاب من دون خسائر.
المثال الثالث : نورده لأنه يذكر بالمبادءات التي تحدث باستباق للأحداث المتوقعة، بالتواجد في الأماكن المحتمل أن تقع فيها هذه الأحداث ونحن نصل من الأعظمية والكرخ وقد اخترنا أن نتواجد عند مبنى كلية الآداب والعلوم في الباب المعظم ومبناها كان يقع في موقع في بداية شارع الجمهورية الآن، ويعتبر منطقة الوسط بين الكليات الطبية الواقعة في العيواضية خلف مستشفى المجيدية الذي أضحى مدينة للطب وبين كلية الحقوق المحاذية لامتداد سكة قطار الجسر الحديدي المارة بمحاذاة الوزيرية وكلية التجارة ودار المعلمين العالية وكلتاهما تقعان في منطقة ليست بعيدة عن الباب المعظم والهندسة الواقعة بمقابل المدرسة الغربية بانتظار ان يلتئم الجمع وتتوحد التظاهرة المستذكرة لمعركة الجسر ضمن أحداث وثبة كانون الثاني عام 48 الملحمية التي أسقطت معاهدة بورت سموث بإسقاط حكومة صالح جبر التي روجت لها وكان هذا في شتاء1951.
ولم تجر الأمور كما أراد المتظاهرون فقد عمدت قوات الشرطة الى اتخاذ إجراءات مشددة لمنع التواصل بين جميع التجمعات بمحاصرة مسبقة لأماكن التجمعات، مما أضطر كل تجمع الى الانفضاض، الا تجمع كلية الآداب الذي تقرر فيه الانسحاب للداخل والاعتصام في مبنى الكلية وإغلاق الباب الرئيسي بتجميع عدد كبير من –رحلات- الصفوف فوق بعضها البعض خلف باب الكلية الرئيس بحيث كان صعبا على شرطة نوري السعيد اختراق الكلية لاعتقال المعتصمين، الذين نصبوا مصيدة في سطح البناية تستخدم الطابوق سلاحا يصوب الى رأ س من يتجاسر ويقترب من تلك الباب على الرغم من محاولات إبعاد الصيادين من موقعهم ليتسنى لهم التقدم نحو الباب، غير أنهم فشلوا في ذلك حتى بعد استخدامهم خراطيم المياه وما تلاها من أطلاق للقنابل المسيلة للدموع التي لم يحسن الشرطة استخدامها بتصويب جيد فصارت تنهال على عناصرهم التي طوقت مبنى الكلية من الخلف فصاروا يصرخون،، عدهم منها..عدهم منه،، ظنا جاهلا منهم أننا نمتلك ما يماثلها!!
ولأن العصر قد داهمنا فقد فكرنا جديا بالبحث عن مخرج لأنهم مالوا للتهدئة فتأكدنا بأنهم يراهنون على حلول الظلام الذي يساعدهم على تنفيذ خطتهم في الاختراق.
وفي هذه اللحظات الحرجة، هل صوت المنقذ وبين مصدقين ومكذبين لصدقية هذا الصوت، لئلا يكون مدسوسا ويستدرجنا للمغادرة من الباب الخلفي بهدف ألقاء القبض علينا، ولكننا لاحظنا أن هناك تراجعا للشرطة تحت زخم هجوم يشنه شباب جاءوا من منطقة الفضل ولاح من بينهم أحد رفاقنا الذي كان معنا صباحا وانسحب قبل دخولنا المبنى ودعانا للخروج عبر سياج الكلية الخلفي بسرعة، قبل أن يتعرضوا هم لهجوم مقابل يفشل مبادرتهم بفك الحصار عنا. فأبلغنا بقية المعتصمين بان المنادي من رفاقنا، فقررنا المغادرة معا على ان ننتشر فرادا على الأزقة الفرعية المؤدية الى عدة اتجاهات من بينها الفضل والصابونجية والحيدر خانة والشورجة، وغيرها من المخارج الموصلة الى شارعي الرشيد أو غازي. وتمت العملية بمغادرة المجموع بسلام وكانوا يشكلون ألوان الطيف الوطني العراقي ففيهم البعثي والقومي والشيوعي والإسلامي والمستقل وكما أوردت ذلك سابقا هذه أمثلة محدودة من مئات أخرى بادرت إليها هذه المجموعة من البعثيين وهم يعبرون عن مواقف الحزب المتسمة بالشجاعة بتبني قضايا الشعب والعمل بتضحيات كبيرة بأن تحقق ضغطا مضافا على الحكومة توافقا مع ما تفعله أطراف المعارض الوطنية من أتعاب يكاد أن يكون يوميا للسلطة، وآسف لأنني أوجزت في عرض جزء من حقائق هذا الجهد المتواضع، وليس بشكل مسهب في عرض جميع التفاصيل المتصلة فيه فمساحة النشر في الوقت الراهن لا تحتمل الإطالة ولكن كل هذا لا يمنع من التوقف عند أبرز مشاركة نضالية للحزب تحققت بالدور المتميز الذي لعبه جنبا الى جنب مع الأحزاب الوطنية الأخرى في قيادات الجماهير الغاضبة في انتفاضة تشرين 1952 التي كانت الأكثر احتداما والأطول زمنا ومساحة قطعتها تظاهرات سابقة، أقواها تأثيرا في السلطة السعيديه فقد بدأت تجمعاتها من باب المعظم واتجهت الى شارع غازي _الكفاح_ واتجهت الى الباب الشرقي بعد أن خاض المتظاهرون عدة معارك مع قوات الشرطة المنتشرة في مفارق الطرق بدءا من باب المعظم التي فشلت فيها بمنع المتظاهرين الذين جاءوا من الأعظمية والكرخ ومن التجمعات الطلابية في الأماكن المحيطة بالمنطقة من الالتحاق بالمظاهرة التي سارت في اتجاهها المرسوم على الرغم من محاولات تصدي قوات شرطة ثانية للمظاهرة قرب مركز شرطة الفضل وفشل هذا التعرض، وتلاه فشل قوة شرطة ثالثة قادمة من الشيخ عمر عبر ساحة السباع، لكن اندفاع المتظاهرين وإصرارهم على المضي قدما نحو هدفهم أفشل محاولة الشرطة الجديدة. ولعل أعنف الصدامات التي شهدتها التظاهرة كانت عند مركز شرطة باب الشيخ الواقع بالقرب من مرقد الأمام عبد القادر الكيلاني واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة وانتهت بهزيمة قوات الشرطة وبمقتل أحد أفرادها وجرح عدد من المتظاهرين، لتمضي المظاهرة مرة أخرى مرددة شعاراتها المدينة للنظام والهاتفة بسقوطه وما ان وصلنا الى الباب الشرقي في وقت متأخر من العصر حتى شهدنا انتشار طليعة دبابات الجيش في المنطقة والى جانبها عربات الريو حاملة الجنود غير المدرعة واذا بصوت المذياع يعلن استقالة الوزارة وتكليف العميد الركن نور الدين محمود رئيس اركان الجيش بتشكيل حكومة جديدة للتهدئة بادعاء انها تهيئ لوضع سياسي بديل ضمن لعب تعد دائما بإصلاحات ولكن لا أحد يفي بالوعد!!
وكان الحزب قد أردف هذا الجهد الفعال بفعاليات نضالية على مدى سنوات عدة مؤكدا حضوره في الشارع النضالي العراقي فأتجه بعد انعقاد مؤتمره القطري الأول الى الظهور العلني في الفعاليات والمؤتمرات العلنية التي تنظمها أحزاب المعارضة وخصوصا تلك التي نظمت عام 54 في أثر إعلان السلطة قرارات بإعادة منح تلك الأحزاب إجازة بالنشاط العلني وإطلاق أجازة الصحف للأحزاب وللأشخاص المستقلين، وإجراء انتخابات لمجلس نيابي جديد في محاولة لامتصاص الزخم الشعبي المناهض لسياسات الحكومة الجائرة وأن لم يستمر ذلك طويلا كما كان متوقعا، فسرعان ما يعود الباشا نوري السعيد الى عادته القديمة ليحل مجلس النواب ويلغي أجازة الأحزاب ويعطل الصحف وجميع القرارات التي تلحق به وبالوصي على العرش عبد الإله وجع الرأس. وبهذه المناسبة لا صحة لما قيل على لسان بعض القوى السياسية من أن ألحزب قد قاطع الانتخابات النيابية والصحيح هو أن الحزب شارك فيها الا أنه لم يؤيد جميع مرشحي الجبهة الوطنية لأن لديه ملاحظات على بعض مرشحيها في الأعظمية والرصافة ونشير الى ان أول ظهور للحزب تم فعلا في مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي الذي أنعقد في سينما النجوم التي كانت تقع في الباب الشرقي في مكان الموقع الذي احتلته وزارة الثقافة والأعلام بعد قيام ثورة 17 تموز 1968 وهي أوسع دار سينما في ذلك الحين وسعى الحزب من وراء هذه المشاركة التعريف بالحزب الوليد وبالأهداف التي يؤمن بها ويدعو الى تحقيقها وكان تواجدنا لا يزيد عن ثلاثين رفيقا قياسا الى تواجد حشد عناصر الحزب المذكور المدعومين من الشيوعيين الذين يجدون فيه واجهة للكسب وإطلاق الشعارات وقد تجاوز عددهم الألف شخص، ومع ذلك فقد أزعجهم وجود البعثيين وهم يطلقون هتافات تدعو للحرية والوحدة العربية والاشتراكية، ويصرون على تأكيد رفضهم للسلام مع إسرائيل، فكلما كنا نهتف لا سلام مع اليهود تعلو وتيرة صراخهم عاش السلام العالمي، حتى غطوا على من كان يرغب بالحديث باسم الحزب الوطني الديمقراطي عن برنامجه في الانتخابات القادمة، وأخير أضطر المنظمون الى وقف المؤتمر وفي اليوم التالي ظهرت جريدة الحزب –الأهالي- لتحملنا مسؤولية تخريب المؤتمر في حين كان الصارخون بأكثر من ألف حنجرة هم أصحاب الضجيج الذي عطل سير المؤتمر وليس رفاق البعث، وهنا تكمن المفارقة!! وبعد أيام من انعقاد مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي، أنعقد مؤتمر حزب الاستقلال الذي مثل التيار القومي في العراق وكان أكثر انتظاما وترتيبا من سابقه وتواجد البعثيون فيه مرددين شعارات أثارت مضامينها انتباه الحضور من الضيوف ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية والاجتماعية المختلفة ومن ممثلي السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي في العراق، كما حظيت الشعارات باهتمام كبير من جماهير حزب الاستقلال المتواجدة في المؤتمر حيث تفاعلت معها بشكل ملحوظ لأنها شعارات منطلقة من حسن وطني قومي لامس مشاعر الجماهير فتعاطفوا معها، وكون البعثيين منهجي هتافاتهم بحيث تأتي معبرة عن معاني الدعوة لتحقيق هذا الهدف او الإقلاع عنه وعلى سبيل المثال : الجوع والظلم والاعتقالات والسجون من أهداف الفئات الحاكمة..
لتسقط الفئات الحاكمة
عاشت فلسطين حرة عربية..عاشت عاشت
لتسقط الأنظمة العربية المتآمرة.. تسقط تسقط
الوحدة والحرية والاشتراكية طريقنا للحياة الكريمة
عاشت أمة العرب.. عاشت عاشت
امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
والجديد الذي بدا في ترديد مثل هذه الهتافات ان كل شطر منها يردده رفيق بينما يردد شطره الثاني رفيق آخر، وهكذا تم التناوب بين الرفاق بترديد الهتافات من دون نسيان الهتاف الذي يقول : لا سلام مع اليهود.. لا لا لا، مع ملاحظة أن الهتافات لم تكن معدة مسبقا وأ نما هي ولادة المناسبة في لحظة حضورنا لها وان المؤتمر تحضره شخصيات وطنية معارضة وأخرى محسوبة على الحكومة وأحزابه وخصوصا حزب الاتحاد الدستوري وهو حزب نوري السعيد وحزب الأمة الاشتراكي العائد لصالح جبر بطل معاهدة بورت سموث المؤودة بإرادة وطنية مضمخة بدم عراقي وكان تصاعد الحضور البعثي في ساحة النضال العراقي الشعبي ملحوظا من قبل سلطة بهجت العطية مدير دائرة التحقيقات الجنائية بحيث وضعت فعاليات البعثيين في الأعظمية وغيرها من مناطق العاصمة بغداد تحت مجهر مراقبتها فاكتشفت مكان أول وكر طباعي بعثي وكان في الأعظمية وكان الرفيق نجاد الصافي مسؤولا عنه ساعده في ذلك الرفيق وليد الغزالي والرفيق خالد طيرة وكانت أول مطبعة رونيو يتسلمها الحزب مرسلة من سورية واستقرت في بيت الرفيق فخري قدوري لما قبل انتخاب القيادة القطرية لتنتقل الى وكر خاص بمعرفة أمين سر القيادة القطرية فؤاد الركابي الذي حاول أن ينيط المهمة بأكثر من رفيق التقى بهم لمعرفة أذا كان ظرفهم العائلي يسمح بتوليهم هذه المهمة الدقيقة ومن بين من ألتقاهم في داره ضياء حسن، حيث فوتح بذلك ولم يمانع الأخير في الاستجابة للتكليف، ولكن وفاة والدته حال دون ذلك والملفت للنظر أن الحزب وحتى بكبس وكره الطباعي حقق كسبا إعلاميا جديدا تأتى من نشر جريدة الأخبار البغدادية للخبر وفي مكان بارز، وهي من الصحف الخبرية المعروفة مما تسبب ذلك في تعريف المزيد من المواطنين بالحزب السري وبفعالياته بعد نشر هذا الخبر والملفت للنظر أن الحزب وحتى بكبس وكره الطباعي حقق كسبا إعلاميا جديدا تأتى من نشر جريدة الأخبار البغدادية للخبر وفي مكان بارز، وهي من الصحف الخبرية المعروفة مما تسبب ذلك في تعريف المزيد من المواطنين بالحزب السري وبفعالياته بعد نشر هذا الخبر وما أقدم عليه الحزب بتفان وإخلاص من نشاط كبير في تبني مطالب الشعب والدفاع عن مصالح العمال والفلاحين والكسبة والطلاب والمثقفين ومن إعلان صريح لأيمانه بحقوق المرأة عبر مواقف تقرن القول بالفعل بإسناد كل ما تدعو له الجماهير وما تطالب به ومن تصد للسلطة ومواقفها التي تنال من كرامة العراقيين وتتجاوز على حرياتهم العامة مما أهله لاحتلال موقع متقدم في استقطاب رضا الجماهير والتفافها حوله وأعود للحديث عن مسار البداية فأقول ان أيراد أسماء من أثبتوا حضورا متميزا في بدايات نضال البعث في العراق مستعينا بذاكرتي قبل أن يطويها زمن الغربة، وقراءتي لما كتبه فائز إسماعيل و د. فخري قدوري وفؤاد الركابي ما تضمنه بحث كتبه الرفيق هاشم العبيدي حول الموضوع وبعض ما كتبه السيد هادي العلوي الذي يعتبر واحدا من المدونين الذين اتصفت كتابتهم بالدقة عن تأريخ العراق في شتى الحقول!! وسأحصر في استذكار الأسماء حصرا بسنوات البداية أو سنوات الولادة الطبيعية في حضن البراءة والفعل المندفع بحماسة وتعفف نعم سأحصرها بين عامي 1948 و 1954 أي بين السنة التي ردد فيها أوائل العراقيين قسم الانتماء للحزب وبين السنة التي أنعقد فيها أول مؤتمر قطري وبحسب الأمكنة التي تم فيها الاتصال وهي :
ألا- دار المعلمين العالية وهم شاذل طاقة ودحام الآلوسي ومحمد جاسم الأمين وحميد خلخال وعبد الله سلوم السامرائي وعبد الله نجم وعبد الغفار الصائغ وزكي الجابر.
ثانيا – كلية الحقوق وضمت الرفاق عبد الرحمن الضامن وشقيقه عبد الوهاب وفيصل حبيب الخيزران ويحيى ياسين وزكي الخشالي وعبد الرحمن منيف الروائي العربي الكبير الذي حملته الشرطة الى الحدود الأردنية مطرودا بسبب نشاطه البعثي.
ثالثا- كلية التجارة وضمت الرفاق علي صالح السعدي وطه الرشيد وأياد سعيد ثابت وجعفر قاسم حمودي وممتاز أحمد شوقي وباسل خليل إسماعيل وعدنان إسماعيل وشمس الدين كاظم وطبيعي فخري قدوري الذي أنضم للحزب قبل ذلك عندما كان طالبا في ثانوية الأعظمية.
رابعا - كلية الآداب والعلوم وضمت الرفاق عبد الستار الدوري وعادل أحمد زيدان وشفيق الكمالي ونوار حلمي وصفاء محمد علي.
خامسا - كلية الهندسة كان فيها الرفيق فؤاد الركابي.
سادسا – كلية الطب وطب الأسنان وضمت تحسين معلة وخلدون درويش لطفي وعدنان أبراهيم جمعة ورشيد الحيالي.
سابعا- المتفرقة وتضم- حازم جواد ونجاد الصافي وضياء حسن وعطا محي الدين ووليد الغزالي وعادل ومحمد سعيد أسود وسعدون حمادي وصالح شعبان وحمدي عبد المجيد وشعبان جاسم وعدنان جاسم وسعدون الحيالي وناظم جواد ومحمد جميل شلش ومدحت إبراهيم جمعة وغانم عبد الجليل وخالد علي الصالح وكريم شنتاف وعلي الحلي ويعقوب الحمداني ومهدي آصف ووليد عبد الرزاق.
ويمكن القول ان انفتاح الشارع على الحزب أخذ حجما من الأتساع بعد انعقاد المؤتمر القطري الأول للبعث وليس التأسيسي، بل المنظم لزخم انعطافة الناس نحوه، فالتأسيس يسجل للرفاق في القاعدة بدءا من الذين جاءوا للعراق من سورية والأردن بالدرجة الأولى وغيرهم الذين كسبوا خلال وجودهم في العراق وبالتالي أسهموا في وضع قاعدة التأسيس خلية خليه مما استلزم بعد ذلك أيجاد قيادات تتولى وضع الحواضن التنظيمية القادرة على استيعاب العناصر التي انتمت للحزب استجابة لنداء البعث تباعا، تأثرا بفكره وشعورا بحاجة العراق لوجود تنظيم ثوري يعد ويعبر عن تطلعات الشعب الإنسانية القومية التقدمية وتستجيب لطموحاته في تحقيق حريته مقرونة ببناء صرح لنظام اشتراكي يحقق العدالة ألاجتماعية ويزيح الظلم والإقطاع والنظام الرجعي عن صدور العراقيين وهو ما لم يكن ملموسا في الأحزاب التقليدية، بالرغم من ان قادتها وناشطيها كانوا يتعرضون للملاحقات من قبل السلطة السعيدية، كالحزب الوطني الديمقراطي الذي ترأسه السيد كامل الجادرجي الشخصية الوطنية المعروفة وحزب الاستقلال الذي قادته الشخصية القومية المعروفة الشيخ محمد مهدي كبة والذي اختير ليكون عضوا في مجلس السيادة الذي أعلن مع انطلاق ثورة 14 تموز كجهة تشريعية.
منتدى/ هديل صدام حسين
sahmod.2012@hotmail.com
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في منتدانا لا تعبر عن راي المنتدى بل عن راي الكاتب فقط


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرشيد تنشر توثيق تاريخ حزب البعث في العراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ليطلع من سيحضر مؤتمر ( القمامة ) في بغداد ... هذه بعض انجازات العراق في عهد الشهيد صدام حسين ... وهذا وضع العراق في الفترة المظلمة من تاريخ العراق في عهد نوري المالكي
» بيان حزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق في الاول من حزيران 2012م بيان في الذكرى الاربعين لصدور قرار تأميم نفط العراق الخالد التأميم بداية الدفاع الصحيحة عن العراق ومساره الجهادي الظافر
» في ذكرى تأسيسه وأستذكارا للبداية البعث مدرسة المبادئ وينبوع السلوك الاخلاقي ( ٢ ) البعث وحديث البداية في العراق
» بيان حزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق أوائل تموز 2012م المجاهد القائد عزة ابراهيم يجتمع في بغداد بكوادر البعث
» الرفيق المجاهد المهيب الركن عزة إبراهيم ألامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي يشكر كافة السادة المهنئين الذين أرسلوا برقيات التهنئة لسيادته لمناسبة الذكرى ( ٦٥ ) لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة قطر العراق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
هديل صدام حسين(1) :: مقالات مختارة-
انتقل الى: