موضوع: سفارة بحجم دولة؟ - احمد صبري السبت يوليو 09, 2011 12:09 pm
سفارة بحجم دولة؟ 2011-07-09 احمد صبري - الوطن العمانية كشف السفير الاميركي في العراق جيمس جيفري ان ادارته خصصت نحو 6.2 مليار دولار لموازنة سفارته للعام 2012 ما أثار تساؤلات عديدة في مقدمتها الدور التي ستضطلع بها السفارة بعد احتمالية انسحاب قوات الاحتلال نهاية العام الجاري. وسفارة بلغت موازنتها لعام واحد 6.2 مليار دولار وهي على ما يعتقد اكبر ميزانية ترصد لسفارة اميركية في العالم؛ اثارت دهشة واستغراب الرأي العام العراقي ودوافع رصد هذا المبلغ الضخم وأوجه صرفه في العراق. ومرد هذا الاستغراب يعود الى الخشية من استخدام تلك الاموال لتمويل جيش مدني قوامه "16" الف شخص هم طاقم السفارة الاميركية بالعراق في مهام وعمليات تثير قلق العراقيين. ويبدو ان الادارة الاميركية وفي اطار سعيها الالتزام بتوقيتات انسحاب جنودها من العراق تسعى لطمأنة الرأي العام بجدية قرارها غير الواقع يشير الى ان الانسحاب المزعوم هو بمثابة الخروج من الباب والعودة من الشباك. فلماذا تحتفظ السفارة الاميركية بنحو "16" الف موظف متعددي الاختصاصات بغطاء مدني غير ان مهامهم لا تختلف عن المهام العسكرية والامنية والاستخبارية وتحت تصرفهم ستة مليارات دولار والمبلغ المرصود لمهام السفارة الاميركية يعادل ميزانية عدة دول في العالم ويعطي الانطباع الاولي كما يروج له اميركيا. ان هذا المبلغ مخصص لتخفيف معاناة العراقيين بتوفير المياه الصالحة للشرب وتعبيد الطرق وإصلاح المنظومة الكهربائية والعناية بصحتهم الا ان الواقع يشير الى ان هذا المبلغ الضخم سيعزز من استمرار الوجود الاميركي ونفوذه في الحياة السياسية وبالتالي يصبح هذا الوجود الذي سيأخذ الطابع المدني قيدًا على استقلال العراق وسيادته ونزوعه لرحيل الاحتلال النهائي. فمصداقية ادارة اوباما تمتحن مرة اخرى في العراق فبعد ان وعد الشعب الاميركي ان ينهي المهمة بالعراق لتجاوز ومعالجة تداعيات قرار الحرب وما صاحبها من شكوك حول دوافعها وأهدافها؛ نراه يقف مترددًا ازاء التعاطي مع مستقبل الوجود الاميركي بالعراق في وقت اجمع العراقيون بعد ثماني سنوات على ضرورة رحيل الاحتلال بشكل كامل من فرط ما اصابهم خلال تلك السنين العجاف. فالموقف المطلوب يستدعي الاستجابة لتطلعات العراقيين ونزوعهم للحرية والاستقلال الناجز وليس استبدال الاحتلال باحتلال جديد طابعه مدني لكنه لا يختلف عن المهام العسكرية وهذا ما يقلق العراقيين من نوايا وأهداف الولايات المتحدة ويضع ادارتها في دائرة المساءلة حول حقيقة تعاطيها مع القضية العراقية. وهنا استعير مقولة مشهورة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر في ستينات القرن الماضي في معرض تعليقه على تشبث الاستعمار البريطاني بالبقاء في جنوب اليمن عندما قال على الاستعمار البريطاني ان يحمل عصاه ويرحل.. وبعد مرور ستة عقود على هذه الدعوة يعيد التاريخ نفسه بدعوة مماثلة للعراقيين إلى الاحتلال ان يحمل عصاه ويرحل