موضوع: الحجاب والعقل القضية ليست الحجاب.. ولكن العقل الأحد أغسطس 28, 2011 7:50 am
الحجاب والعقل القضية ليست الحجاب.. ولكن العقل
لم تكن المعركة التي بدأت في منتصف نوفمبر 2006م، إثر تصريحات الوزير فاروق حسني، ثم اشتعلت وتضرمت وشغلت الصحف ووسائل الإعلام والإنترنت، ودخل فيها الدكتور عمر هاشم، والشيخ طنطاوي، والشيخ علي جمعة، والشيخ القرضاوي وبقية الفقهاء أقول: "لم تكن في الحقيقة معركة مع الحجاب، ولكنها معركة مع العقل".
لقد كشفت كل المساجلات عن غيبوبة تامة للعقل، سواء كانوا أساتذة الأزهر أو من الذين يسألون علي قارعة الطريق أو يقومون بمداخلة علي الإنترنت، الجميع بلا استثناء ينقلون، يكتب أحدهم علي الإنترنت أربعين تفسيرا للنقاب والحجاب في القرآن، وما دري أن تسعة وثلاثين منهم نقلوا ما روي عن ابن عباس، وكل واحد ينقل عنه بالألفاظ نفسها أو بتنويعات خفيفة كأن يكون الخلاف هو في العين التي تحجب والعين التي تترك للمرأة لترى بها، هل اليمنى أو اليسرى.
الجميع بلا استثناء، يقولون الحجاب فريضة، بنص القرآن والسنة والإجماع، وأن من لا تلتزم به فإنها تنتهك أحد فروض الإسلام.
هل في القرآن نص علي تغطية الشعر أو الوجه؟ ضعوا أيدينا عليه إذا كان موجودا، فإن لم يكن موجودا، فكيف تتقولون علي القرآن وتدعون تفسيركم قرآنا؟
هل الآية "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" أو الآية "يدنين عليهن من جلابيبهن"، أو الآية "وليضربن بخمرهن علي جيوبهن"، تقتضي أن يكون جسم المرأة كله عورة إلا وجهها وكفيها؟
إن الحجاب جزء من الزي، والزي قضية عادات وتقاليد، وهو في البلاد الحارة غيره في البلاد الباردة، وهو "شكل" وقالب، والأديان لا علاقة لها بالأشكال والقوالب، إنها قيم وما يهمها في زي المرأة، أو في مشيها وحركاتها وسكناتها هو الحشمة.
وهل كان القرآن الكريم عاجزا ـ لو أراد ـ أن يحدد تحديدا يكشف أو يحجب علي وجه التحديد، المعروف بالطبع أن التحريم والتحليل لا يكون إلا بنص صريح من القرآن لا يقبل تأويلا، فهل يعد تفسيركم أو تفسير ابن عباس أو غيره من العلماء أو الفقهاء ملزما؟ أو هل يملك أحد أن يتحكم في القرآن ويجعل تفسير ابن عباس قرآنا؟
إن المفسرين القدامى تصوروا أن القرآن إنما أرسل للعرب وقت نزوله، وفسروه علي هذا النحو، ولكن القرآن أنزل لكل الناس وكل العصور، ولهذا جاءت كل الإشارات عن الزي مرنة، غير محدودة، قابلة للعديد من التأويلات حتى تتناسب مع ما انتهي إليه التطور، ولا نلزم المرأة المسلمة في أوروبا وأمريكا والهند والصين وأفريقيا اليوم أن يضعن الخمار، كما ذهب الدكتور عبد المعطي بيومي إلي أن مجرد ذكر القرآن للخمار يوجبه، ويبدو أن هذا ليس رأيه وحده، لأنهم ثاروا علينا عندما اقترحنا علي المرأة المسلمة في الدول الأوروبية إذا لمست حرجا من ترك شعرها مكشوفا أن تلبس قبعة وليس ما يسمونه الحجاب الشرعي، لأن هذا سيفصلها عن المجتمع، وسيؤدي إلي إيذائها، وقد أوضح القرآن إن من حكمة توجيهاته الخاصة بالزي ألا يؤذين، واليوم انعكست الآية وأصبحت المحجبة في أوروبا هي التي تؤذي ولكن لا أحد يفكر، الجميع ينقلون، الجميع يرددون "قال فلان، وقال فلان"، ولكن لا أحد يفكر، فأين هؤلاء من القرآن الذي قال: "والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا" (الفرقان: 73).
أما السنة، فهل يخفي عليهم أن معظم الأحاديث التي جاءت عنها ضعيفة، أو فيها كلام، بما فيها الحديث "العمدة" (المرأة عورة)؟ وهل فكروا في معني حديث "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، إنه إذا كان يضع مبدأ عاما فإنه يكون مخالفة للقرآن الذي امتدح ملكة سبأ، وأن الحديث كان نبوءة من الرسول بما آلت إليه الأسرة الحاكمة في فارس التي اختلفت فيها بينها وولت أمرها امرأة فتنبأ لها بالفشل، فالحكم كان عن حالة بعينها، وليس مبدءا، وبعد هذا كله فإنه رواية الوحيد وقع عليه عمر بن الخطاب حد القذف ولم يتب، فلا تجوز شهادته.
أما الإجماع، فيا عيني علي الإجماع، أين كان هذا الإجماع؟ ومتي وماذا تقول في كلمة الإمام أحمد: "من ادعي الإجماع فهو كاذب.. وما يدريه".
لا تقولبوا الإسلام في قالب معين، لأن الإسلام يرفض القولبة، ولأن مقاصد الإسلام هي القيم من كرم وصدق وعدل وإخلاص وفكر لا تتحقق بأي صورة من القولبة سواء كانت تربية لحية أو وضع حجاب، ولا تتحكموا في الإسلام، لأن الإسلام ليس ملكا لكم تتصرفوا فيه كما تشاءون الإسلام لا يملك، إنه كلام الله، وإذا كان هناك من يملك فهم المسلمون جميعا في كل البلاد، وفي كل العصور