موضوع: خلع الحجاب والخروج من القطيع صورة جديدة بدون حجاب الأحد أغسطس 28, 2011 7:24 am
خلع الحجاب والخروج من القطيع صورة جديدة بدون حجاب
وباء الحجاب يجتاح مصر فيما يخص مظهرهن، اختيارت كثيرة تنتظرالفتيات غير المحجبات أو المحجبات، باستنثاء اختيار وحيد يعد سيرا عكسيا في طريق اتجاه واحد: التخلي عن الحجاب بعد ارتدائه. لا تنسى شاهندة ذلك اليوم أبدا. حدقت فيها أمها عند خروجها من باب الشقة واضطربت مشاعرها بين الدهشة والغضب، في الشارع صاحبتها نظرات كل من يعرفها حتى مرت، في الكلية لم يرد بعض زملائها سلامها وتجاهلوها غاضبين. ولكنها لا تنسى أيضا أنه في ذلك اليوم الذي خرجت بدون غطاء رأس بعد سنوات طويلة من ارتدائه لاحظت تغير شكل ظلها على الأرض وفاجأها إحساس ملمس هواء الصباح البارد على عنقها. معظم الفتيات اللاتي أقدمن على هذا الاختيار وسرن عكس الاتجاه، يتمنين لو أن من يعرفونهن ينسون هذه اللحظة. يكفيهن أن يقاومن النظرة المستنكرة إلى المسلمة غير المحجبة، أما النظرة إلى التي خلعت الحجاب بعد ارتدائه فيبدو أنها أشد استنكارا بكثير. "كأنها ردة عن الدين" كما تقول شاهندة حسين، خريجة كلية الفنون الجميلة "معظم الفتيات غير المحجبات وحتى المتحررات يعتذرن عن حالهن ويبررن عدم تحجبهن بأن اللحظة المناسبة لمن تأت بعد ويرددن: ربنا يهدينا. وعندما تتحجب واحدة منهن يهنئنها ويباركنها. ولكن خلع الحجاب بعد ارتدائه فيه تسجيل موقف". الموقف العنيف من معظم الناس تجاه أي رأي نظري مختلف عن كون الحجاب فرض على كل مسلمة ورفض أي جدل بهذا الشأن مؤشر على مدى العنف الذي يمكن أن يواجه موقفا عمليا لفتاة تتخلى عن الحجاب وتدافع عن وجهة نظرها وقناعتها الجديدة. قبل سنوات كان الموقف مختلفا، اضطرت شاهندة أن تدافع عن قرار ارتدائها الحجاب أمام والدتها وخالها. كانت طالبة في نهاية المرحلة الإعدادية وكانت مرتبطة بشدة بمدرسة اللغة العربية التي قالت لهم أنه حان الوقت، بينما رأت والدتها وخالها أنها لا زالت صغيرة على الحجاب ولكنها أصرت وارتدته. تقول شاهندة :"كنت من المحجبات الملتزمات. لم أكن مقتنعة بالموائمة والحلول الوسط لكثير من المحجبات اللاتي يظهرن زينتهن بالتحايل على الحجاب ويفعلن كل شيء مع الحفاظ على غطاء الرأس. ولم أكن من أولاء اللاتي يخلعن الحجاب في الأفراح والمناسبات". وتضيف أن عادتها تلك في الحفاظ على موقف متسق تلتزم به ووجهة نظر تقنتع بها هو ما أدى إلى موقفها الجديد أيضا. لم يكن هذا الموقف وليد شك ديني، ولكنها تراه قناعة دينية مختلفة. خلال السنتين الأخيرتين من دراستها الجامعية، كانت تقضي وقتا طويلا وحدها مع أعمالها ومشروعاتها الفنية تتأمل في صور الأشياء، وفي صورتها أيضا. تعتقد أن شخصيتها واختياراتها في الحياة بدأت في التبلور في هذه المرحلة. تقول: "بدأت أعيد التفكير في أمر الحجاب، وعندما فضفضت لأمي مرة لم تأخذ كلامي مأخذ الجد. لم يكن تغيير رأيي مقترن بقراءة كتاب معين أو التأثر بكلام أحد. في هذه الفترة تغيرت نظرتي للعالم ولنفسي، لما أريد أن أفعله وما أريد أن أكونه، وعندما رسمت نفسي مرة بالحجاب لم أجد نفسي في الصورة". ولكن لم تأخذ قرارها إلا بعد التفكير الطويل، فقناعتها الجديدة أن الحجاب جزء من نظام سائد أصبح مفروضا على الجميع، رجالا ونساء. نظام يحاول أن ينمط الجميع وأن يحافظ على موقف جماعي، يكون فيه السلوك الشخصي وكأنه جزء من موقف سياسي. تشير إلى الأدبيات الدينية التي تناشد المرأة أن تتحجب لأن ذلك يجعل الأمة الإسلامية أقوى. وترى أن هذا النظام يصور جسد المرأة وجمالها وكأنه مشكلة أو عبء عليها أن تقوم بحراسته طوال الوقت إلى الدرجة التي جعلتها تتمنى في لحظات أن تكون ذكرا لا أنثى لكي تحرر من هذا العبء. وفي النهاية وصلت شاهندة لقناعتها الجديدة التي تلخصها ببساطة :"لم أعد أعتقد أن الله الذي أحبه يمكن أن يفرض عليّ نظاما عنيفا كهذا". ولكن عنف معنوي كان بانتظار اختيارها الجديد، ولم تجد من يتفهمه. أمها ظلت غاضبة لفترة طويلة، أخوها الأكبر السلفي لم يحتمل الأمر وأخذ حقيبته وترك المنزل احتجاجا على السماح لها بذلك. وأخوها الأصغر كاد أن يضربها لأول مرة، وهددها وتوعدها إن تجاوزت وارتدت زيا قصيرا أو مكشوفا. إخوتها الذكور كانوا الأشد عنفا، كانوا يشعرون بالمسئوية نظرا لوفاة الوالد. لم يكن هذا الصدام الوحيد معهما ولكنه كان الأعنف. قبله كان دخولها كلية الفنون الجميلة – الحرام في رأيهما – ثم إصرارها على أنها مستقلة وغير تابعة لهما لأنها أنثى. وجاء اختيارها ذلك في ظل "تبعيتها" لهم – كما يعتقدون- ليهز صورتهم أمام الأقران والأقارب والجيران. الأقارب حاولوا إثنائها عن قرارها وفي النهاية قالوا: مجنونة. الجيران في منطقتها الشعبية ظلوا يحدقون بها مستنكرين لفترة. تقول شاهندة :"الغريب أن بعض الجارات قلن لي ساعتها: مبروك يا عروسة، فلم أفهم. فيما بعد علمت أنهن ظنن أنه تمت خطبتي لأحدهم وهو الذي اشترط أن أخلع الحجاب، فلا يعقل أنني يمكن أن أقوم بشيء كهذا من تلقاء نفسي، بدون أن أكون تابعة لرجل يرضى عني". وحتى في كليتها – الفنون الجميلة- والتي تتسم بانفتاح نسبي قابلها جفاء كبير من الزملاء والزميلات في الكلية. حتى غير المحجبات أو الزملاء الذين لا يكترثون بالدين قالوا أن تلك خطوة متهورة. بعض العابثين وجدوها فرصة مناسبة للبدء في "معاكستها"، ألم تصبح "متحررة"؟ تقول شاهندة: "صرت حديث الكلية لفترة، وبعض الزميلات تناقلن أنني بالتأكيد وقعت في "الغلط"، ومعيدة انتحت بي جانبا وقالت لي: فيه مشكلة في حياتك؟". باستثناء أستاذ واحد أشاد بقرارها بينه وبينها، كان كل المحيط حولها عدائيا وعنيفا. تقول شاهندة: "رغم أن ملابسي لم تختلف أبدا، فقط غطاء الرأس لم يعد موجودا. لم أكن أهتم بالمبالغة في زينتي أو تغيير شكل شعري. ورغم ذلك استمر هذا الموقف لفترة واضطررت أن أكون حادة تجاه التعليقات والتلميحات". في الأيام الأولى، فكرت شاهندة أن تعاود ارتداء الحجاب لتتجنب ردود الأفعال تلك، ولكنها الآن تقول أنها لا يمكن أبدا أن تندم على هذا القرار، هي تشعر الآن أنها متسقة مع نفسها. وما واجهته كانت ستواجهه على أية حال، وكانت بالفعل تواجه بعضه من قبل لأنها اختارات ألا تكون مطيعة لذلك "النظام" الذي يفرض على المرأة إما الخضوع التام أو التحايل والتواؤم والحلول الوسط.ه