موضوع: سوريا .. هل كان بالإمكان أحسن مما كان ؟ ( ح٣ ) الجمعة مارس 29, 2013 11:57 pm
سوريا .. هل كان بالإمكان أحسن مما كان ؟ ( ح٣ ) الأربعاء، 27 مارس/ آذار، 2013، د. عمران الكبيسي بالتأكيد لو أن الدول العظمى وعلى رأسهما أمريكا وروسيا والشركاء في مجلس الأمن لم يستهينوا بما يجري وما زال يجري في سوريا من قتل وتدمير كان الحال أفضل مما هو كائن الآن، ولكن ماذا تقول لعالم بلا قيم ولا أخلاق، لا تحكم سياساته إلا المصالح والأطماع والأحقاد. وبالتأكيد لو أن هناك قانونا دوليا نافذا والتزاما بالمثل الإنسانية لأدينوا جميعا بلا استثناء بجرائم الإبادة وأفعال ضد الإنسانية، وإلا ماذا يعني أن يسقط مائة ألف ضحية بلا ذنب جنوه إلا منية استنشاق نسيم الحرية، ويشرد الملايين وتدمر الحياة، والنسل والحرث في المدن والأرياف تدميرا شاملا، والعالم المجنون بكل وقاحة يتفرج مكتوف الأيدي أمام سفاح استعصم بكرسي الرئاسة، وبالمدفع والطائرة والدبابة، وماذا بقي للإنسانية بعد الذي انتهك وينتهك في سوريا الجماعية من قيم الحياة والعفة؟ وبالتأكيد لو أن العالم أنصف السوريين وتدخل ووضع حدا لتجاوزات الأسد لما وقعت كل هذه الضحايا وهذا التدمير الشامل للبلد، وبالتأكيد لو أن الدول العظمى المصنعة للسلاح مدت الثوار بما يلزمهم من سلاح وعتاد لتخلصوا من الأسد وزمرته بوقت مبكر وتفرغوا للبناء، ولما تطور الحال إلى ما هو عليه الآن. لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة، ولا ممن اعتاد التذرع بها في كل ما يجلب المصائب، ولكن من يطلع على تصريحات المسؤولين في كل من فرنسا وإنجلترا وأمريكا في عام 2010 عند بدء الانتفاضة في سوريا، وبالتحديد بعد أن تظاهر مليون سوري ضد الأسد في حمص وحدها، وبحضور السفير الأمريكي ويراجع ما أدلوا به لوسائل الإعلام، واتفاقهم أن على الرئيس الأسد أن يرحل على وجه السرعة، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسئوليته في حماية الشعب من جلاده، ثم نكثوا العهد والوعد، وتراجعوا ولم يقدموا ما عليهم بالرغم من مرور ثلاث سنوات عجاف، لا يتوانى عن اتهام رؤساء هذه الدول بالتردي الأخلاقي، كأنهم اتفقوا على دفع الشعب السوري إلى المحرقة بعد أن فتحوا له أبواب الأمل والحلم بالخلاص من الطاغية، وأغروه ليقع الشعب الأعزل فريسة بيد جزاره، يستفرد بهم ويبطش، وقد تخلى القريب والبعيد عن مساندته والإيفاء بوعودهم. لقد تراخت وتراجعت الدول العظمى عن وعودها بدعم الثوار بالسلاح، واكتفت بان تكون صديقة للشعب السوري في المؤتمرات والمحافل الإعلامية، وتركته يذبح في الميادين ويشرد في البراري، كانوا بدءا يتعللون بالانتخابات الأمريكية، وخشية أوباما على كرسيه، كأن على الشعب السوري أن يدفع ثمن رئاسة اوباما من دم أبنائه، والآن ماذا تنتظر أمريكا وقد بلغ السيل الزبى؟ وما الذي قدمه العالم للشعب السوري المنكوب بعد ثلاث سنوات مأساوية؟ أليس من حقنا أن نقول إنها مؤامرة دولية كبرى لتدمير الشعب السوري؟ يخسر شبابه وتدمر أسلحته في تدمير مدنه، وضياع شعبه وانهيار اقتصاده وبنيته التحتية، ليبقى ضعيفا أمام أطماع الربيبة إسرائيل؟ وإلا بماذا نفسر هذا المقلب والصمت الأرعن. روسيا هي الأخرى وريثة البروليتاريا التي تدعي السعي لمقاومة الاحتكار ليصبح نضال شعوب الأرض موحدا لعدو واحد وتحرير المجتمع، تكرس اليوم احتكار السلطة لفرد واحد لأنها تريد الحفاظ على قاعدتها العسكرية في سوريا وموضع أقدامها في المنطقة، وتداري سقوطها الاقتصادي بتوريد السلاح للأسد وتقبض ثمن الجريمة من العراق وإيران، تستخدم “الفيتو” ثلاث مرات لصالح الأسد، أي نفع للإنسانية يكرسه بقاء الأسد جزارا وآكلا للحوم البشر. ومتى أصبحت روسيا شيعية لتخشى قيام دولة سنية في سوريا كما ورد على لسان وزير خارجيتها؟ ولكن “الطيور على أشكالها تقع”، فبوتن هو الأخر دكتاتور يخشى أن تصل أنوار الربيع إلى الكرملين. وبذلك حينما يسلح الأسد هو يدافع عن نفسه بدماء السوريين. إنها معادلة عالمية حبكت خيوطها وتقاسمت الدول الكبرى فيها الأدوار، لم تعد مصالح الدول العظمى تحتمل المزيد من ثورات الربيع العربي، وكذبوا وكذب ما يدعونه من أسطورة مكافحة الإرهاب، والحد من نفوذ ايران حفاظ على السلام، الدول العظمى بتراخيها سمحت للقاعدة وللمتطرفين وايران ومنحتهم الوقت الكافي عمدا للدخول على الخط، لتجعل منهم “خيال مآتة” للأنظمة، ومبررا لسياسات التدخل في أي وقت يخدم تطلعاتهم، وكل ما يسعون إليه شق الصف العربي وإضعاف قواه وبذر الفرقة بين مكوناته، والتمهيد لإقامة تحالف طائفي متماسك من إيران والعراق وسوريا ولبنان ويمتد إلى اليمن والخليج، مبتغاهم أن يستمر الصراع والتطاحن في العالم العربي والإسلامي. لك الله يا سوريا، ومعك قلوب المؤمنين، وإن دموع الثكلى وآهات الآباء وصرخات ونحيب الأخوة والأخوات، لن تضيع عند الله *أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* (39)الحج